زار وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام اليوم، مقر الاتحاد العمالي العام في لبنان، حيث كان في استقباله رئيس الاتحاد الدكتور بشارة الأسمر محاطا بأعضاء هيئة المكتب والمجلس التنفيذي، بمشاركة تجمع المطاحن في لبنان ممثلا بـ: بول منصور، بشارة بوبس وأحمد حطيط، نائب رئيس اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان علي ابراهيم، رئيس نقابة أصحاب الأفران في الشمال طارق المير ونائبه نعيم الخواجة، رئيس نقابة صناعة الخبز في لبنان طوني سيف، نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم وعضو النقابة الدكتور فادي حديب.
استهل اللقاء بكلمة لرئيس الاتحاد العمالي العام رحب فيها بوزير الاقتصاد ورؤساء النقابات والتجمعات القطاعية والعمالية، وقال: “حضور الوزير سلام للدفاع عن الناس، هذا ما تبين لنا من لقاءات عديدة معه. تأكد لنا حضوره العملي في معالجة القضايا بدءا من الاهراءات التي لها معان وطنية خصوصا لوجودها في مرفأ بيروت وإصرار الوزير على إنهاض هذه المؤسسة والحفاظ على حقوق العاملين فيها. وهو بصدد تفعيل الدعم الخليجي لإعادة بناء الاهراء، وهذا التحرك سيكون باكورة نشاطاته لجهة تفعيل دور مرفأ بيروت ضمن إطار حفظ حقوق الدولة وممتلكاتها وعدم المس بها أو معالجتها بمبدأ الشراكة بين القطاع العام والخاص مما يحافظ على أصول الدولة في المرافق والاهراء والمياه وأوجيرو”.
أضاف: “من خلال اتصالاتنا مع الوزراء المعنيين ودولة رئيس مجلس الوزراء حول الموازنة، تبين أن هناك أمورا لا يجب الأخذ بها ومنها الدولار الجمركي وعدم شموله مواد أساسية تدخل في صلب معيشة المواطن. وأركز على التهريب الداخلي والاحتكار وهي أمور يجب معالجتها جذريا”.
وتابع: “الوزير سلام يعمل على الأرض، ووجهت له دعوة باسم الحركة العمالية بالاستمرار في ملاحقة المخالفين ليس بمحاضر ضبط فقط بل بإحالتها للقضاء لأن هذه المؤسسات تخالف في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة. والغريب أن الدولار انخفض 35 في المئة فيما أسعار السلع حافظت على استقرارها. الشعب اللبناني تحول من الشعب المصدر للأبجدية والحضارة والثقافة، ومن مستشفى وخدمات وسيادة في الشرق الى شعب يلهث وراء لقمة عيش نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة، أنتم تعانون منها، وعلينا كاتحاد عمالي عام التعاون ومؤازرتكم في عمليات التفتيش وقد أبلغناكم بلائحة للمؤازرة. نحن مستعدون للتعاون معكم ومع البلديات بهذا الشأن”.
وأبدى تحفظات الاتحاد على “بنود كثيرة في الموازنة وخصوصا تلك التي تفرض الضرائب والرسوم على ذوي الدخل المحدود”، مشيرا الى “اتصالات أجراها الاتحاد مع المعنيين وعلى رأسهم دولة الرئيس نبيه بري”. وقال: “هذه الموازنة يجب أن تتناول خططا إنمائية لأننا بحاجة الى ورشة عمل على مدار 24 ساعة”.
وأكد أن “الرقابة يجب أن تشمل الجودة والنوعية في كل القطاعات من محروقات وغيرها ومراقبة الأسعار، ووزارة الاقتصاد وزارة أساسية ورئيسية في الحفاظ على سعر الرغيف الذي هو سلعة أساسية لا يمكن المس بها لأنها لقمة الفقير، وكذلك الدواء الذي يهم كل شرائح المجتمع اللبناني”.
بدوره، قال وزير الاقتصاد: “نشكر رئيس الاتحاد العمالي العام وكل النقباء الحاضرين معنا، وقد أكون أول وزير اقتصاد التقى بهم، منذ اليوم الاول لتشكيل هذه الحكومة، حيث استمعت الى الهواجس والهموم للعمال، ومنذ اليوم الاول لتسلمي وزارة الاقتصاد كنت مدركا أنه من دون التعاون معكم لا يمكننا أن نصل الى أي حلول تتعلق بالعمال والاوضاع الاقتصادية”.
أضاف: “إن إشادة الدكتور بشارة الاسمر وسام أعلقه على صدري، فنحن في ظرف لم يعد فيه قيمة للمجاملات بل أصبحت مضرة، ونحن في زمن المحاسبة والاصلاح والعمل بجهد وأمانة ووطنية”.
وتابع: “في مقدمة اجتماعي عندما قمتم بزيارتي في الوزارة بدأت بمقولة هي: القيمة الاولى في أساس نجاح أي مشروع اقتصادي هي الانسان، وليس الاقتصاد انشاء مصارف أو مصانع أو مرافق بل هو قبل كل ذلك، تشييد الانسان وتعبئة الطاقات الاجتماعية من خلال مشروع تحركه الادارة الحكيمة الحضارية والوطنية، مما يعني أن أهم عنصر لدينا في هذه المرحلة الصعبة هو الانسان العامل، المواطن الكادح، فاليوم نحن نتكلم بتحويل اقتصاد ونعد المجتمع الدولي ونعد الناس أن خلاص لبنان يكون بتحويله من اقتصاد ريعي الى اقتصاد انتاجي، وما يتطلبه الانسان اليد العاملة هي التي تقوم بالانماء الاقتصادي”.
وقال: “لا يمكن أن تقوم قائمة لهذا الوطن اذا لم تتوفر ظروف مشجعة وآمنة للعامل، فهو يستحق كل شروط الحياة الصحيحة ودون أي منة. وكانت رسالتي الواضحة منذ تسلمي وزارة الاقتصاد أن العمل على البشر بالمرحلة الاولى وعلى العامل بالمرحلة الخاصة وتحديدا العامل اللبناني. للأسف السياسات الاقتصادية السائدة لم تكن محقة بحق العامل، ولم تشجعه، بل وضعته امام تحديات كبرى، وقد اوصلتنا تلك السياسات الى هذا الواقع الصعب”.ِ
أضاف: “الهدف من خطة التعافي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي ليس استجداء المجتمع الدولي ليمدنا بالاموال، فلبنان بلد غني بكل ما للكلمة من معنى لدينا مصادر مهمة جدا، واهمها العنصر البشري، وطاقاتنا البشرية صدرناها الى مختلف دول العالم وخاصة دول الجوار العربي، فاللبناني شخص قادر شرط أن نوفر له جوا مساعدا من التحفيز والامان، ورغم تسلمنا لدولة مهترئة ومؤسسات مشلولة، لم نأت لنشكو ونحاسب من سبقنا. الماضي اصبح وراءنا فلنتعلم منه، ومهمتنا أمام تحدي الوقت وعنصر الوقت يخلق ظروفا صعبة يوميا، إذ أن التقلبات وعدم الاستقرار تؤذي العامل بشكل مباشر”.
وتابع: “أمر جيد أن يكون المجتمع الدولي متحمسا لمساعدتنا ولكن اذا لم نثبت حسن النية في عملنا من اجل الاصلاح، فلا المجتمع العربي ولا المجتمع الدولي سيكمل معنا، وأكبر تحد بالنسبة إلينا اليوم، أن معظم الدول التي كانت توفر الدعم للبنان أصبحت تعيش مشاكلها، الاقتصادية والجيوسياسية، وبالتالي اصبحت كل دولة تبحث عن مصالحها، لذلك علينا القيام بالخطوات الاولى في الاصلاح والتي تبدأ بالاصلاح الاجتماعي، وأول مسألة في مفاوضاتنا مع صندوق النقد هي مسألة الشأن الاجتماعي والظروف الاجتماعية ومعاناة المودعين في المصارف الذين خسروا ثلاثة ارباع اموالهم والربع الاخير مجهول المصير”.
وقال: “لقد تلقفنا رسالة صندوق النقد بشكل جدي، لأنه بعد دراسة ومناقشة الموازنة التي استمرت لعشر جلسات كانت الاولوية لمناقشة حقوق المواطنين والعمال والمتقاعدين، وفي بعض الاماكن استطعنا التحسين وتحصيل بعض الحقوق. وأنا كنت من الوزراء الذين تعاطوا مع هذا الملف بواقعية كبيرة، لأننا في ظروف صعبة وعلينا التعاون لتجاوزها. ولا بد من معالجة الوضع المعيشي الصعب جدا، لذلك لم تكن ثلاث أو اربع جلسات كافية حتى نصل الى نقطة تلاق تستطيع اعطاء الناس حقوقهم بالحد الادنى”.
أضاف: “كل ما سمي بالدعم الاجتماعي كان يجب أن يكون منذ زمن، وما أريد قوله إن الموازنة حيكت بدقة كبيرة رغم أنه في بعض الاماكن حصل تدقيق وتمحيص بها، حيث يوجد نقاط لم يتخذ قرار نهائي بشأنها وسيكلف المجلس النيابي بمتابعتها، وسيتابع من الحد الذي استطاعت الحكومة أن تضع الامور في إطاره، ومجلس النواب أمام امتحان. إننا بظرف لا يوجد فيه حماية لأحد، المرحلة اليوم لجلسات مجلس النواب في مطلع الاسبوع المقبل، لمناقشة قانون الموازنة وقوانين اخرى ترتبط بحياة المواطن اليومية، وستكون عيون العالم وعيون اللبنانيين راصدة لكل ما سيصدر عن المجلس النيابي. وأين يوجد خلل أو نقص نرجو من النواب أن يقوموا بالمناقشة والمعالجة لأننا شركاء في السلطة من اجل إخراج البلد من الازمة التي نحن فيها”.
وتابع: “أما بالنسبة لموضوع الاهراءات فقد تبنيته بكل أمانة وانسانية ووطنية منذ اليوم الاول لتسلمي هذه الوزارة، وذلك لعدة اسباب: أولا أن اهراءات مرفأ بيروت، وعند انفجار المرفأ كنت في بيروت وفعلا تألم اهل بيروت ولمسوا هول المصيبة التي دمرت نصف العاصمة وخلفت أكثر من 220 ضحية، وأولها كان موظفو المرفأ الذين كانوا قرب العنابر. واستقبلت منذ بداية تولي للوزارة نقابة عمال المرفأ وقد تشاركت معهم في معاناتهم مع الحكومة السابقة لناحية حقوقهم التي يجب أن تكون غير قابلة للنقاش اصلا، والسؤال الاول الذي وجهته إليهم من يتحمل مسؤولية تأخر هذا الموضوع حتى اليوم، فكان تحفظ في جوابهم. وهذا كان مثال على أمور كثيرة حصلت في البلد في السنوات الماضية، فحقوق العمال والشهداء كانت لا تزال معلقة، ولا زال بعضها يجري العمل عليه، وأنا أول أمر طلبته أن يقدموا لي الامور العالقة للبت فيها دون أي تأخير”.
وقال: “إهراءات مرفأ بيروت اليوم ومن خلال هذا المنبر الذي يعطيني قوة ودفعا، فنحن نعرف أنه يكثر المنظرون في هذه الظروف، وقد خرجت بعد احدى جلسات مجلس الوزراء وتحدثت عن اعادة اعمار اهراءات مرفأ بيروت وذكرت المراحل التي علينا العمل وفقها، ومباشرة يخرج العديد من الجهابذة ويحللون الدراسات الهندسية وغيرها، وانا لم أبن المعطيات التي تحدثت عنها وترتكز على اسس علمية ووطنية وقانونية وعملية، ونحن لن نتخذ أي قرار دون الشروط القانونية، واستشارة الجهات القانونية والقضائية والامنية. واذا وجدت أي خطر أو خلل أو ضرر يصيب حماية حقوق الشهداء وعائلاتهم فعندها سأرجىء هذا الموضوع كليا وأحوله الى مجلس الوزراء للبت به”.
أضاف: “إن موضوع الشهداء ودمائهم خط أحمر ومن يتخطاه يتحمل المسؤولية، فللاهراءات دور اساسي في الامن الغذائي، وفي حال حصلت حرب بين روسيا واوكرانيا نحن في لبنان أول من يتأثر بها لعدم توفر احتياطي القمح من الاهراءات. إن استمرار هذا المرفق ضروري جدا ولن يتم شيء بشأن الاهراءات الا بعد اتخاذ كل الاجراءات المطلوبة من حيث الاصول المتبعة. هناك هبة من دولة الكويت كما ذكر النقيب الاسمر، لاعادة اعمار الاهراءات وقد التزمت به وهي المسؤولة عن هذا المشروع. هذه اموال تأتينا من الخارج ستخضع لقانون المناقصات والتلزيم، وعلاقة لأي وزارة بهذا الموضوع، فهو هبة كويتية ويمكن ان يضاف اليها هبات من بعض الدول الأخرى. منذ يومين لاحظنا في مجلس الوزراء ورشة عمل مع وزير الاشغال والنقل في موضوع اعادة تقييم وتخطيط لمرفأ بيروت، وقد ذكر أن أهم أمر سيحصل في ورشة الاعمار أنه سيكون أكثر من نصب تذكاري لحفظ هذه الذكرى الاليمة لأن هذه المصيبة لم تضرب المرفأ فقط بل ضربت العاصمة كلها ولبنان ولذلك ستحفظ الذكرى وتصان”.
وتابع: “أما بالنسبة الى الدور الرقابي لوزارة الاقتصاد ووجودها من اجل حماية المستهلك، فعندما تسلمنا الوزارة كان الوضع شديد الصعوبة لناحية مديرية حماية المستهلك، والكل كان يعرف بوجود خلل وضعف، ولكن ما قمنا به خلال الاشهر القليلة الماضية أننا وضعنا الجميع أمام مهامهم، بالتشارك مع الجهات الامنية كافة، واخيرا كان مع الجهاز القضائي. اليوم لا نستطيع أو يستحيل أن نجول على 22 الف متجر ومؤسسة وعلى أكثر من 3 آلاف محطة بنزين بمراقبينا، انما من خلال القانون استطعنا التوصل الى آليات تلجم المخالف والمحتكر وسارق لقمة عيش اللبناني، وأنا شهدت الكثير من قلة الاصالة وقلة الوفاء لدى عدد كبير من التجار، وعندما نجد خللا نقوم بالمداهمات بمؤازرة القوى الامنية وخصوصا جهازي امن الدولة والامن العام بالتنسيق مع القضاء المختص، فلم يتوقف الامر على محاضر ضبط خصوصا أن قيمتها المالية لم تعد رادعة بسبب تدني قيمتها”.
وأردف: “ما أحب أن أطمئن اليه أن ما قمنا به عبر الضرب بيد من حديد، نشكر الجميع النقابات التي تبرعت بالوقوف الى جانبنا، ونشكر العدد الضئيل من البلديات من مناطق البقاع والشمال لموافقتها على مؤازرتنا بعدما طلبنا من كل البلديات في لبنان، وكنا نتمنى عليها جميعا أن تقف الى جانبنا لأنها المعنية الاولى ولها الدور الرقابي الاول، بموجب القانون أن تقف معنا وتحمي لقمة عيش اهلها. ونعود اليوم ونطلب من البلديات أن تشاركنا وتقوم بدورها الرقابي وتتحمل مسؤولياتها، وستكون معنا النقابات كافة تحت اطار الاتحاد العمالي العام وكل شخص يريد مساعدة وزارة الاقتصاد بشكل أو بآخر لنخرج من هذه الازمة فأبوابنا مفتوحة له في أي وقت”.