*قال النائب في البرلمان اللبناني، د. إبراهيم الموسوي، عن الشهيد السيد حسن نصر الله: من خلال جهاده وتضحياته وتكريس حياته لمواجهة الظلم والطغيان، تجاوز السيد حسن نصر الله حدود الجغرافيا وأصبح قدوة ومثالًا لكل المؤمنين بالحرية والكرامة في العالم.*
*وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد:* لقد أضحى سيد شهداء الأمة شهيدنا الأقدس والأسمى سماحة السيد حسن نصر الله، أيقونة ونموذجًا لكل التواقين للعدل، للحرية، لمواجهة الظلم في كل بقاع الأرض. فقد تخطى جغرافيا الوطن، وبالطبع سيتخطى الزمان، وأصبح نموذجًا للوحدة العربية والإسلامية؛ فهو أمة، وهو فكرة، والفكرة لا تموت. وفي خطاب سماحة الإمام السيد القائد علي خامنئي (دام ظله) ذكر بأن: “كان السيد حسن نصر الله ثروةً عظيمةً للعالم الإسلامي، ليس للشيعة فحسب، ولا للبنان فحسب، بل كان ثروةً للعالم الإسلامي. بالطبع، لم تضيع هذه الثروة، بل بقيت. رحل، لكن هذه الثروة التي صنعها، هذه الثروة باقية. قصة حزب الله في لبنان قصة استمرارية. لا تستهينوا بقدرات حزب الله، ولا ينبغي إهمال هذه الثروة المهمة. إنها ثروةٌ للبنان ولغير لبنان”. حول الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد شهيدنا الأقدس الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوار صحفياً مع سعادة النائب الدكتور السيد إبراهيم الموسوي. وجاء نص الحوار على النحو التالي:
سيد شهداء المقاومة تحول إلى رمز نضالي عربي وإسلامي وعالمي.. وتخطى برمزيته حدود لبنان والمقاومة المحلية.. هل ترون هذا التوصيف واقعيًا ومنطقيًا؟ ولماذا تحول السيد الذي حصر جهاده لمواجهة الاحتلال والكيان الصهيوني، إلى رمز لحركة التحرر العالمية؟
سماحة سيد شهداء المقاومة، سيد شهداء الأمة الأسمى السيد حسن نصر الله، بجهاده وتضحياته وببذله لروحه — وهذا أعظم البر في سبيل قضايا قيمية أخلاقية إلهية إنسانية عالمية — تخطى بهذه التضحيات، كما تخطى بجهاده ومقاومته كل الحدود الممكنة. هو تجاوز حدود لبنان؛ لم يعد رمزًا لبنانيًا، كما أنه لم يعد رمزًا عربيًا أو إسلاميًا، بل أصبح رمزًا إنسانيًا عالميًا يعشقه الكثيرون ممن يؤمنون بالتحرر والكرامة والشرف والاستقلال؛ كل ما يتعلق بالمنظومة الإلهية التي أرادها الله سبحانه وتعالى للناس كي يحيوا حياة طيبة وعزيزة وكريمة في هذه الدنيا. كل الذين يؤمنون بهذا المنهج هم اليوم يعتبرون سماحة سيد شهداء الأمة رمزهم وأيقونتهم وملاذهم ومثالهم ونموذجهم الأسمى الذي يتطلعون إليه، وهذا لأنه استطاع أن يخاطب الفطرة، الروح، الوجدان، المنطق الأخلاقي لكل الناس. لذلك تجاوز كل الحدود، وأعتقد أنه سيتجاوز الأزمنة أيضًا. هذه الرمزية التي اكتسبها السيد لها علاقة بتكريسه لنفسه ولمقاومته لمواجهة الظلم والطغيان والاحتلال أينما كان، وبتضامنه أيضًا مع كل الذين يمتلكون قضايا محقة في هذا العالم. نحن نعلم أن سماحة سيد شهداء الأمة قد جاهر بموقفه، وأعلن رأيه الصريح بالكثير من القضايا التي يمكن أن تثير الكثير من المشاكل، لكنه نطق بكلمة الحق في وجه الطواغيت والسلاطين وكل المتجبرين والمستكبرين في هذه الدنيا؛ لذلك استحق أن يكون هذا الرمز، وكل ما يقال عنه على هذا المستوى، يقال عن استحقاق وليس عن أي مبالغة أو أي كلام غير صحيح أو غير واقعي.
الشهيد الأسمى هو رمز الوحدة العربية والإسلامية.. هكذا وصفه أحد المفكرين القوميين.. كيف تصفون رؤية سماحته لتوحيد الصف العربي، وإقامة الروابط بين التيارات القومية والعلمانية وهو الرمز الإسلامي المتجلي بعقيدته الدينية وولائه لها؟
لأن الشهيد الأسمى كان على هذا المثال، كان على مثال الدعوة للقضايا الكبرى، فهو غدا رمزًا للوحدة العربية والإسلامية بل للوحدة الإنسانية. نحن نعلم أنه من الذين راهنوا دائمًا على العروبيين وعلى الإسلاميين وعلى كل أصحاب النظرة الوطنية الصافية التي تناصب الاستكبار والاستعداء. عمل جاهدًا على توحيد الصفوف العربية، وكان من الأوائل الذين يعملون من خلال المؤتمر القومي العربي؛ يؤمنون ليس فقط بإنشاء روابط، وإنما ضرورة توثيق وترسيخ عُرى العلاقة بين التيارات العربية والإسلامية والعلمانية، ويعتقد أن هذه الأمة يجب، بعيدًا عن اصطفافاتها وانتماءاتها، أن تنخرط في معركة محاربة “إسرائيل”؛ لأن هذه هي الطريقة المثلى التي يمكن من خلالها أن نحقق التحرر…
القائد الجهادي الشهيد الحاج عبد القادر إبراهيم عقيل (رحمه الله) وصف السيد نصر الله (رضوان الله عليه) بأنه كان مسددًا حتى في المجالات العسكرية، وكان يدعوه “العبد الصالح”.. وربما كان ذلك ما يؤمن به كل من عرفه من المجاهدين.. ماذا تعني هذه الصفة؟ وما هي مؤشرات التسديد الإلهي في سيرة سيد شهداء المقاومة؟
عندما تتحدثين عن القادة الجهاديين الكبار مثل الحاج عبد القادر شهيدنا الكبير أو السيد محسن شكر أو الحج أبو الفضل كركي أو كل الشهداء والشيخ نبيل قاووق، وكل القادة الذين استشهدوا والذين عايشوا سماحة الأمين العام، كانوا يرونه عبدًا صالحًا لله سبحانه وتعالى. وبالتالي، عندما يكون عبدًا صالحًا فبتالي سوف يكون مسددًا بالضرورة، وسوف يجري الله الحكمة على لسانه ويسدده في كل المواقف والأماكن. يكفي أن أقول إن الأمين العام سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله — تكفي العودة إلى كل ما قاله في السنوات الأخيرة لندرك أنه كان يرى ما يجري اليوم وكأنه يقرأه في كتاب أمامه. فلنعد إلى ما قاله في عام 2011 وبـ2014-2015، كانه يتكلم عما يجري الآن تمامًا؛ هو يصفه بكل تفصيل وكل دقة. إذا كان رأى ببصيرته ما يجري الآن ووصفه على نحو الدقة الكاملة قبل عشر من السنوات أو ما يزيد، فمعنى ذلك أنه إنسان مسدد، وكان يرى الأمور بحقيقتها بعين الله سبحانه وتعالى. لذلك الله سبحانه وتعالى قد جعل منه كإنسان تقي، قد جعل له مخرجًا، ومنحه هذه الصفة أو هذه المنحة الربانية الإلهية بأن يمتلك بصيرة ثاقبة وأن يستشرف الأمور بدقة. لذلك كان هناك العديد من الأمور التي يعرفها قادة المقاومة وكل المجاهدين يعرفون كيف أنه كان صاحب بصيرة وصاحب تسديد إلهي من خلال العديد والعديد من القضايا. أنا أشرت إلى هذه الناحية من خلال القول إنه توقع ما جرى في فلسطين وفي سوريا وما يجري في أكثر من منطقة عربية وإسلامية، وهو تنبأ بهذه الطفرة الجديدة للمشروع الصهيوني، وتحدث عن سوريا وأنه في حال سقطت سوريا تضيع فلسطين وتسقط المنطقة. ولكن أعتقد أيضًا أنه قد بنى رجالًا ومجاهدين قادرين على أن يعيشوا حالة التحدي ويعيشوا حالة البناء والصبر مهما تعرضوا لضربات؛ لأنهم يؤمنون بالله وباليوم الآخر، ويؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى سوف ينصرهم، وعليهم أن يعدّوا العدة، وأن يرسخوا الإرادة، وأن يوطدوا العزم على التضحية وعلى الصبر وعلى البناء إن شاء الله.
/انتهى/