الشيخ نعيم قاسم: اعلموا أن الاستهداف للجميع

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بِسْمِ اللَّـهِ الرحمن الرَّحِيمِ والحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي ‏القاسم محمد، وعلى ‏آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام ‏يوم الدين.‏

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

نلتقي اليوم في الذكرى السنوية الأولى لشهداء وحدة الرضوان والأهالي في بناية “الأُرز”، في هذا اليوم ‏العصيب، ‏ونتحدث عن المناسبة وعن قائدها الحاج عبد القادر. كما نتعرض في القسم الثاني للحديث عن ‏الأوضاع السياسية ‏العامة في لبنان والمنطقة.‏

شهداء الرضوان، شهداء مسيرة تحرير القدس، وشهداء مسيرة تحرير الوطن، وشهداء الكرامة والعزّة والإباء.‏

في عشرين أيلول سنة 2024، أغار العدو الإسرائيلي على مركز اجتماعٍ لقادة الرضوان في بناية الأرز في ‏الضاحية ‏الجنوبية، واستُشهد ثمانية عشر شهيدًا من قادة الرضوان، وحوالي خمسين شهيدًا من المدنيين من ‏الرجال والنساء ‏والأطفال، لا زال حتى الآن أربعة منهم من المفقودين.‏

هؤلاء الشهداء اختلطت دماؤهم بين مقاومٍ يحمل السلاح ومدنيٍّ يحمل همّ الوطن، فكانت النتيجة أن ارتقى ‏هؤلاء ‏الشهداء جميعًا في مركب واحد على طريق الحق، طريق المقاومة، طريق التحرير، طريق إنقاذ الوطن.‏

لا نستطيع الحديث عن كل الشهداء، والحقيقة أن لكل واحدٍ منهم سيرة عظيمة ومهمة، لكن لا بدّ من أن نتحدث ‏‏عن القائد المعاون الجهادي الشهيد الحاج عبد القادر إبراهيم عقيل.‏

إبراهيم عقيل هو الرجل الذي تميّز بميزتين اثنتين أساسيتين، وصَل من خلالهما إلى هذا المقام العظيم: مقام ‏القيادة ‏التي تؤدي إلى الشهادة. ‏

الصفة الأولى الأساسية هي الإيمان بالله تعالى، والإيمان بالإسلام. أحيانًا ننسى أن هذه النتائج العظيمة هي من ‏بركات ‏الإيمان، من بركات الارتباط بالله تعالى، من ارتباط الطاعة والولاية، والارتباط بمحمد وآل ‏محمد(ص)، والأنبياء ‏والرسل، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.‏

انطلق الحاج إبراهيم من المسجد، في منطقة البسطة التحتا، من مسجد العامليّة. تأثر بفكر الشهيد المرجع السيد ‏‏محمد باقر الصدر (قدّس سرّه)، وتأثر بدروس وتوجيهات وحركة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر (أعاده ‏الله تعالى ‏سالمًا ورفيقيه). ثم جاءت ثورة الإمام الخميني (قدّس الله روحه الشريفة)، فوالاها ولاءً مطلقًا، ثم ‏أدارها الإمام ‏الخامنئي (دام ظلّه) بعد رحيل الإمام الخميني (قدّس سرّه). وقد كان الشهيد عبد القادر مواليًا ولاءً ‏عظيمًا امتدّ إلى ‏قيادة سماحة سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، حيث كان ‏الشهيد القائد عبد ‏القادر يتزود من هذه المدرسة الإيمانية العظيمة.‏

قال تعالى: “الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب”.‏

تميّز بعبادته، وصومه في أيام الاثنين والجمعة، ورجب وشعبان، وكان كثير الدعاء. تعمق في تفسير القرآن، ‏وكانت له ‏محاضرات وكلمات يستشهد فيها بآيات القرآن الكريم. لديه بصيرة ثاقبة، وشجاعة، وبأس، ‏وتواضع. لا يهاب الموت، ‏ولا يهاب الأخطار. كان كثير القراءة والتحليل، وكان محاورًا مفوَّهًا ومتمكنًا من ‏نقاش الآخرين.‏

هو من الرعيل الأول، أي أنني لا زلت أذكره عندما كان في منطقة البسطة التحتا وخندق الغميق، وكنت أنا مع ‏إخوان ‏آخرين في منطقة المصيطبة وجوارها، وكان هناك تنسيق وتعاون قبل انتصار الثورة الإسلامية ‏المباركة في إيران، وقبل ‏اجتياح عام 1982. كان يهتم بإخوانه وعائلته.‏

إذًا، الصفة الأولى المهمة: أنه انطلق من الإيمان بالله تعالى، والالتزام بشرعه، وحمل راية الإسلام المحمدي ‏الأصيل ‏بالقيادة الملهمة التي تجسدت بالإمام الخميني (قدّس الله روحه الشريفة)، وتتابعت مع الإمام الخامنئي ‏‏(دام ظله).‏

الصفة الثانية المميزة هي جهاده الولائي، أي أنه كان مجاهدًا في الخندق الأول، يضع أمام عينيه تحرير ‏فلسطين، ‏ويقاتل من أجل تحرير الأرض، ومواجهة قتلة الأنبياء، إسرائيل ومن معها. وتصدى لاجتياح عام ‏‏1982، وكان ‏مسؤولًا عن التدريب المركزي في حزب الله مطلع التسعينيات. كما استلم مسؤولية الأركان، ‏ومسؤول وحدة عمليات ‏جبل عامل منذ سنة 1997 حتى ما بعد التحرير. شارك في معركة أنصارية، وكان ‏من قادة حرب تموز. قاتل في سوريا، ‏في القصير والقلمون.‏

منذ سنة 2008، شغل موقع معاون الأمين العام لحزب الله، سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله (رضوان ‏الله ‏تعالى عليه). من هذا الموقع نفهم الدور الجهادي والقيادي الأساسي الذي كان عليه. ‏

ميزته، أنه كان صاحب رؤية استراتيجية في الموضوع العسكري وفي الموضوع السياسي، وهذه الرؤية مغلّفة ‏بالإيمان ‏والتقوى. كان يُحلل ويُنظّر ويُخطّط، وهو أحد دعائم العمل الجهادي، وأحد دعائم الإنجازات ‏والانتصارات التي ‏تحققت مع إخوانه: الحاج عماد، والحاج فؤاد، والحاج كركي، والسيد مصطفى بدر الدين، ‏وآخرين.‏

من أقواله: “أن المنتصر الفعلي والحقيقي هم الشهداء، انتصروا وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكانت لديهم ‏‏الفرصة”.‏

عندما نؤبن هذا الشهيد القائد الحاج عبد القادر إبراهيم عقيل، الشهيد الجهادي الكبير، إنما نأخذ من مواقفه ‏العبر ‏والدروس، ونرى كيف كانت هذه التضحيات العظيمة من أجل الأمة، من أجل مستقبل الأطفال والأولاد ‏‏والأجيال، من أجل تحرير الأرض والكرامة والسيادة والاستقلال، من أجل أن تنعم منطقتنا بشيء من العزّة ‏والكرامة ‏والهدوء والسكينة، في طاعة الله تعالى، وفي استقامة الأجيال.‏

إلى روحه، وأرواح شهداء الرضوان، وأرواح الشهداء في بناية الأُرز على الخصوص من المدنيين، وإلى كل ‏شهداء هذا ‏الطريق، شهداء المقاومة، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة، مع الصلاة على محمد وآل محمد.‏

من باب الوفاء، ولخصوصية قائد آخر مرّ في قيادة الرضوان، وكان هو مسؤول القوة لفترة من الزمن، لا بد ‏أن نذكره ‏ولو بموجز سريع، هو القائد الشهيد أحمد محمود وهبي، الحاج أبو حسين سمير، الذي التحق ‏بالمقاومة الإسلامية ‏منذ تأسيسها، وكان من القادة الميدانيين في كمين أنصارية. تعرّض للأسر من قبل العدو ‏الإسرائيلي، تسلّم ‏مسؤوليات قيادية عدة، منها وحدة التدريب المركزي، وكذلك كان مسؤول قوة الرضوان ‏حتى مطلع سنة 2024، ‏حيث حلّ محلّه شخص آخر بعد أن عاد إلى التدريب، بعد شهادة الأخ جواد الطويل.‏

الشهيد هو من الأشخاص الروحانيين المؤمنين المتواضعين أصحاب الخدمة، ربّى شبابًا على يديه، وهو من ‏النماذج ‏العظيمة التي أنتجت مئاتاً وآلافًا من القادة والمجاهدين والشهداء. إلى روحه، نهدي ثواب السورة ‏المباركة الفاتحة، مع ‏الصلاة على محمد وآل محمد.‏

أُخبرت بأن أحد الإخوة المجاهدين، وهو مظلوم عدلون، توفي بمرض عضال منذ أيام، وهو الذي شارك في ‏معظم ‏عمليات المقاومة منذ سنة 1987 إلى حرب أولي البأس، وبرع في سنة 2006، وكان قائدًا لسلاح ضد ‏الدروع، أيضًا ‏نموذج آخر. إلى عائلته، وإلى كل عوائل الشهداء، نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة، مع ‏التعزية، والصلاة على محمد ‏وآل محمد.‏

نبدأ الآن بالوضع السياسي، وسأتحدث بعدة نقاط:‏

 

أولًا: المنطقة بأسرها أمام منعطف سياسي استثنائي خطير، لأن الكيان الإسرائيلي، الذي زُرع في منطقتنا ‏زَرعًا، منذ ‏بداية القرن العشرين، هذا الكيان حفر عميقًا في منطقتنا بدعمٍ استعماري استكباري، بدأ بريطانيًا ثم ‏انتقل إلى ‏أمريكا. هذا الوجود الغاصب هو وجود توسعي، يُراد منه أن يكون قطعةً من الغرب، وأداةً لأمريكا، ‏وفزّاعةً للمنطقة، ‏وحالةً توسّعيةً تمنع المنطقة من استقلالها ومن خيارات أبنائها، لتكون ملحقًا بمشروع ‏الغرب: الاقتصادي، ‏والسياسي، والثقافي. ومن لا يقبل، تكون هذه الفزّاعة موجودة، ومن يصبح عاصيًا ‏عليهم، تكون العصا جاهزة، من ‏أجل القتل والإبادة والتشنيع بمن يعترض على هذه السياسات.‏

إذًا، إسرائيل هي وجود توسعي استعماري أمريكي غربي، يريد أن يتحكم بالمنطقة، وأن يُعدمها خياراتها.‏

وصلت إسرائيل إلى ذروة الإجرام والتوحش، وعدم التقيد بأي قاعدة إنسانية أو قانونية أو دولية أو حقوقية، ‏وذلك ‏بمؤازرةٍ كاملةٍ تفصيليةٍ من قبل الإدارة الأمريكية. ليست توسعية الآن، بل هي توسعية منذ وجودها، منذ ‏البداية، ‏لكنها كانت بحاجة إلى وقت، وبحاجة إلى ظروف.‏

الإبادة التي تسلكها إسرائيل اليوم، بدعم أمريكي وتغطية مباشرة، سببها أن مجموعةً من الخطوات لم تُؤدِّ ‏‏المطلوب في سرعة التوسع: لم تنفع الحرب الناعمة، ولم تنفع العقوبات، ولم ينفع مدريد، ولا الاتفاقات ‏الإبراهيمية، ‏في تحقيق الإنجاز الصافي والسريع الذي تريده أمريكا وإسرائيل. ‏

من هنا، كانت الإبادة هي “الحل”، وعلى كل حال، إسرائيل أول ما بدأت، بدأت بالإبادة، ثم توقفت لفترة، على ‏أساس ‏أن يحصلوا بطرق أخرى غير الإبادة، لكن، عندما وجدوا أن شعوب المنطقة شعوب حيّة، وأن شعب ‏فلسطين شعبٌ ‏حيٌّ أبيّ، لا يرضى أن يتخلى عن أرضه، وحاضر لكل التضحيات ليستعيد أرضه، كان لا بد ‏من هذه الإبادة، وبالتالي، ‏كل الذرائع هي عبارة عن ذرائع مؤقتة وليست صحيحة، لأن المشروع هو مشروع ‏إبادة.‏

على كل حال، أعلن الإسرائيلي بشكل واضح بأنه يريد “إسرائيل الكبرى”. نتنياهو قالها علنًا: قال بأنه يريد أن ‏يغيّر ‏خارطة الشرق الأوسط الجديد، يريد أن يُعيد رسم المنطقة، يريد إسرائيل الكبرى، يريد إنهاء المقاومة في ‏كل ‏المنطقة، يريد إبادة حماس، وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه في غزة كمرحلة أولى، ويريد احتلال ‏الضفة الغربية. ‏كل هذه أقوال قالها وأعلنها، وهو يُمارس على الأرض ميدانيًا ما يؤكد هذا المعنى.‏

إذًا، يجب أن نعرف تمامًا ماذا نواجه: هناك مشروع اسمه إسرائيل الكبرى وليس عدوانًا إسرائيليًا مؤقتًا ‏لأسباب، ‏ويمكن حل المشكلة. لا، هذه المشكلة لن تُحل بالطرق المعتمدة. لا تُحل بالاتفاقات، ولا تُحل بالصبر ‏الدائم، ولا تُحل ‏بتدخل الدول الكبرى، لأنها لن تتدخل إلا لمصلحة إسرائيل. يجب أن نبحث عن حلول أخرى ‏حتى نواجه هذا التحدي ‏الخطير.‏

ضربت إسرائيل في قطر، قطر التي فيها أكبر قاعدة أمريكية، وعلى أساس أن هذه القاعدة الأمريكية يُفترض ‏أن ‏تحمي قطر، تحميها من إسرائيل وغيرها، بحجة قتل القيادة الفلسطينية، صحيح أن القيادة الفلسطينية هي ‏‏الهدف، لكن أيضًا قطر هي الهدف، لأنه كان بالإمكان أن يُفتّشوا عن طريقة لقتل القيادة الفلسطينية في أماكن ‏‏أخرى، أو بأساليب أخرى. لكن، مطلوب أن تكون هذه الضربة في قطر، من أجل إرسال رسالة لها ولكل ‏الدول ‏الأخرى. لذلك، نحن نعتبر أن ما بعد ضربة قطر يختلف عمّا قبل ضربة قطر. يعني حتى نحن في ‏طريقة تفكيرنا، ‏الدول، الأنظمة، الشعوب، الناس، الحركات، القوى المختلفة، تفكيرها بعد قطر يجب أن يكون ‏غير تفكيرها قبل ‏قطر. لأنه بعد قطر، انكشف كل شيء، اتّضح كل شيء. أصبح الموضوع التوسعي لا مفر ‏منه إذا بقينا على نفس ‏الوتيرة. لا بد أن نغيّر، لا بد أن نبدّل.‏

لقد جعلوا المقاومة في مرحلة من الزمن عدوًّا مشتركًا بين إسرائيل والعرب في أغلبهم، وأن إسرائيل هي التي ‏تشكل ‏الحماية من هذه المقاومة. جعلوا المقاومة عدوًا، وإسرائيل هي الصديق.‏

بعد قطر، الاستهداف أصبح للمقاومة، وللأنظمة، وللشعوب، ولكل عائق جغرافي أو سياسي أمام “إسرائيل ‏الكبرى”.‏

ما هو الهدف؟

الهدف هو: فلسطين، ولبنان، والأردن، ومصر، وسوريا، والعراق، والسعودية، وضرب اليمن، وإيران…‏

وهذا كله يُعتبر خطوات مرحلية. لاحقًا، يأتي دور تركيا والمنطقة الأخرى، حتى تتمكن إسرائيل، لا أن تصبح ‏‏‏”إسرائيل الكبرى” فحسب، بل يقولون فيما لو تقدموا، وإن شاء الله لا يتقدمون يقولون: “لدينا إسرائيل ‏العظمى”، ‏على أساس التوسع إلى باكستان، وأفغانستان، وإلى الأماكن الأخرى.‏

أنتم تعرفون أن إسرائيل منذ عشرات السنين تؤسّس في أفريقيا، وأسّست في أوكرانيا، وتؤسّس في عدد من ‏الدول، ‏ولها نفوذ وتأثير وتداخل مع الحكم هناك، برعاية أمريكية، وبإشراف أمريكي.‏

مرةً، كان لديّ زيارة من قبل أحد من يعمل في دولة عربية، في منظمة تواجه المشروع الإسرائيلي، سألته ‏سؤالًا، قلت ‏له: يا أخي، لماذا تأخذون رشاشات وقنابل، كدولة، من إسرائيل؟ يعني هذه من أبسط الأمور، من ‏أي مكان يمكن ‏الحصول عليها؟ لماذا تأخذونها من إسرائيل؟ قال: نحن نحتاج إلى هذه الأسلحة كحكومة، من ‏أي دولة من الدول، ‏لأنه ما عندنا شيء، حتى فقط نضبط الأمن الداخلي. اشترطت علينا أمريكا: إما تأخذون ‏السلاح من إسرائيل، أو لا ‏يوجد سلاح، هذا السلاح البسيط. ولذلك، بدأوا يأخذون السلاح ويشترونه من ‏إسرائيل، حتى تتعزز إسرائيل في ‏تلك المنطقة الأفريقية.‏

يعني انظروا إلى أين وصل التفكير، لا أعلم إن كان هناك أناس لا يفهمون، أو لا يعرفون، أو لا يقرؤون، أو لا ‏يرون! ‏علينا جميعًا أن نواجه هذا الخطر، ليست مسؤوليتنا نحن فقط، مسؤولية المقاومة، لا، هي مسؤولية ‏الكل، الدول، ‏الأنظمة، الشعوب، المقاومة. والطريق الوحيد لهذه المواجهة: أن نتوحد ضد العدو المشترك. في ‏حدود للوحدة؟ ‏فلنرسم نحن حدود هذه الوحدة.‏

قال الله عز وجل في كتابه العزيز:‏

‏{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}‏

يجب أن نقلب المعادلة، سأرسم خطة أو خطوة سريعة وواضحة، ولا تحتاج إلى تفصيل وتفسير: يجب أن ‏نقلب ‏المعادلة، يجب أن تكون إسرائيل هي الخطر، وليس المقاومة، وأن نعلم أن خطر إسرائيل شامل على ‏الجميع: على ‏المقاومة، وعلى الأنظمة، وعلى الشعوب، على العرب، والمسلمين، والمسيحيين، على الإنسانية ‏جمعاء، هي ليست ‏خطرًا في مكان، بل خطرٌ من المكان إلى كل مكان، هذا أمر واضح من خلال التطبيقات ‏العملية. ‏

يجب أن نتخذ الإجراءات لإيقاف العدو، لا أن نساعده على المقاومة وعلى مشروعه التوسعي.‏

لفتني في القرآن توجيه لطيف في تحديد الشيطان، وكيفية التعامل معه…‏

يقول الله عز وجل‎: ‎إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا‎‎،‎ ‎يعني أول شيء يجب أن تعرفوا أن الشيطان عدو،‎ ‎

لكن يجب أن تضعوه أمامكم وتقولوا: هذا عدو،‎ ‎لأنه إذا لم تتخذوه عدوًا، إذا لم تعتبروا أنه عدو،‎ ‎إذا لم تُصمَّم ‏‏حياتكم على أساس أنه عدو،‎ ‎إذا لم تجعلوا كل مشاريعكم مبنية على أن الشيطان عدو،‎‏ فلن تستطيعوا الفلاح في ‏‏هذه الدنيا‎.‎

اليوم، إذا لم نضع إسرائيل أمامنا على أنها هي العدو الأول، والأوحد، والأساس،‎ ‎من ورائها أمريكا،‎ ‎وأن هذا ‏العدو ‏يجب أن نواجهه،‎ ‎وأن نتعاون في مواجهته،‎ ‎وأن تكون له أولوية الأولويات في المواجهة،‎ ‎لا يمكن أن ‏ينجح أحد في ‏منطقتنا‎.‎‏ هذا الأمر ينطبق على لبنان وعلى كل المنطقة‎.‎

هذه النقطة الأولى عن الكيان الإسرائيلي والصراع‎.‎

النقطة الثانية، سأقترح اقتراحًا علنيًا، وهو خطوة عملية متقدمة من أجل توفير الوقت والجهد، قد يقول ‏البعض: ‏طيب، ألم يكن بالإمكان أن تقوموا بها بطريقة ثانية؟‎ ‎لا، أنا أطرحها علنًا، لأنه ليس لدينا وقت لنفتش ‏عن طرق كيف ‏نتعاون وكيف نتوحد،‎ ‎ولكي لا يُفشل هذه الخطوة المتضررون من أتباع أمريكا وإسرائيل‎.‎

الخطوة هي‎:‎‏ أدعو المملكة العربية السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع المقاومة، ضمن الأسس الآتية‎:‎

أولاُ، حوار يعالج الإشكالات، ويُجيب عن المخاوف، ويؤمِّن المصالح‎.‎

ثانياً، حوار مبني على أن إسرائيل هي العدو، وليست المقاومة‎.‎

ثالثاً، حوار يُجمِّد الخلافات التي مرت في الماضي، على الأقل في هذه المرحلة الاستثنائية، من أجل أن نتوجّه ‏لمواجهة ‏إسرائيل ‏ولجمها‎.‎

رابعاً، نؤكد لكم أن سلاح المقاومة وجهته العدو الإسرائيلي، وليس لبنان، ولا السعودية، ولا أي مكان، ولا أي ‏جهة في ‏العالم، وهذا بالتجربة العملية، ونحن مستمرون على هذا النهج‎.‎

خامساً، إن الضغط على المقاومة هو ربح صافٍ لإسرائيل، وعندما لا تكون المقاومة موجودة، فهذا يعني أن ‏الدور ‏سيأتي على الدول‎.‎

سادساً، حتى المقاومة في فلسطين هي جزء من هذه المقاومة،‎ ‎التي تعتبر سدًا منيعًا أمام التوسع الإسرائيلي، ‏حتى لا ‏يعود أحد يقول: علاقاتكم كيف؟ وأنتم تقتربون ولا تبتعدون؟‎ ‎هناك من يريد أن يقترب، وهناك من يريد ‏أن يبتعد، ‏هذا على المكشوف وعلنًا‎، نحن ندعو إلى تصفية العلاقات،‎ ‎وإلى أن نكون معًا على قاعدة أن العدو ‏هو إسرائيل، ‏ولسنا أعداء،‎ ‎حتى ولو اختلفنا في مرحلة من المراحل‎.‎

النقطة الثالثة‎: ‎‏ أدعو أيضًا كل من في الداخل اللبناني،‎ ‎حتى الذين وصلت الخصومة بيننا وبينهم إلى ما يُقارب ‏‏العداء،‎ ‎أدعو كل من في الداخل، من كل الأطراف، ومن دون استثناء،‎ ‎إلى عدم تقديم خدمات لإسرائيل،‎‏ وأن ‏لا ‏يكونوا خُدّامًا لإسرائيل،‎ ‎من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون. وأقول لهم‎: ‎‏ لن تعيركم إسرائيل أي اهتمام ‏إذا ‏وصل الأمر إليكم،‎ ‎لأن لبنان على دائرة خريطة إسرائيل الكبرى‎.‎‏ نحن بحاجة، نحن وإياكم، إلى بناء بلدنا ‏معًا‎، لقد ‏قدم حزب الله تجربة في إيقاف العدو في معركة “أولي البأس‎” ‎عند حدّه،‎‏ ثم شاركنا في انتخاب ‏الرئيس،‎‏ وبعدها شاركنا ‏في الحكومة،‎ ‎ونتعاون مع من نختلف معه بالسياسة اختلافًا كبيرًا في الحكومة وفي ‏المجلس النيابي،‎ ‎من أجل ‏التشريعات، ومن أجل إدارة البلد‎. ‎‏ نحن نبني معًا في الحكومة وفي المجلس النيابي‎.‎

من هنا، فليكن هذا المسار مدعمًا بتفاهمات‎ ‎تساعد على أن نقطع هذه المرحلة ولا نؤدي خدمة لإسرائيل‎.‎

عندما تُعلن أمريكا صراحة أنها تعمل لمصلحة إسرائيل،‎ ‎وعندما تضغط على لبنان لمصلحة إسرائيل،‎ ‎وعندما ‏لا ‏تقبل إعطاء ضمانات لأنها تريد مصلحة إسرائيل،‎ ‎وعندما لا يكون هناك حدود ‏‎لمصلحة إسرائيل،‎ ‎

فكيف يمكن أن نثق بأي طرح أمريكي أو غير أمريكي؟‎ ‎وكيف يمكن أن نقبل بأن نقدم التنازلات تلو التنازلات،‎

في الوقت الذي لا تعطي فيه إسرائيل شيئًا،‎ ‎ولن تتوقف عن هذا المشروع‎: ‎إسرائيل الكبرى‎.‎

إسرائيل كانت تريد إنهاء المقاومة،‎‏ لكنها لم تتمكن، ولن تتمكن‎، هذه المقاومة مستمرة، غصبًا عن إسرائيل ‏وأمريكا‎. ‎‎‏ هذه المقاومة مستمرة لأن فيها قادة شهداء،‎ ‎لأن فيها سيد شهداء الأمة، السيد حسن نصر الله رضوان ‏الله تعالى ‏عليه،‎ ‎والسيد الهاشمي، والحاج عبد القادر، وآخرين،‎‏ كلهم موجودون‎.‎

هذه المقاومة فيها‎:‎‏ الشباب المجاهد، المرأة المجاهدة، الطفل المجاهد، الشعب الأبيّ الطاهر الذي يُقدِّم ويُعطي‎.‎

هذه المقاومة لا يمكن إلا أن تبقى مرفوعة الرأس‏‎. ‎

إذا أرادت إسرائيل أن تُنهيها،‎ ‎فلتعلم أنها ستَنتهي لاحقًا، إن شاء الله، بسبب ثبات هؤلاء المقاومين‎.‎‏ وهيهات منّا ‏الذلّة‎.‎

طلبات أمريكا لا تتوقف‎، يقولون: أمريكا تساعد لبنان؟‎ ‎بماذا تساعد أمريكا لبنان؟‎ ‎أمريكا لا تفعل إلا أن تطلب ‏من ‏لبنان، وتأخذ من لبنان، وتضغط على لبنان‎، وأنشأت أكبر سفارة في لبنان من أجل أن تدير المخابرات ‏على لبنان، ‏ومن لبنان. طائراتها في الجو تُعطي الإحداثيات للكيان الإسرائيلي‎، ترعى لجنة اتفاق،‎ ‎وهذه اللجنة، ‏فقط وظيفتها ‏وعملها “الميكانزم” أن ترى كيف تضرب المقاومة، وأهل المقاومة،‎ ‎وتضرب في لبنان، وتمنع ‏التسلح،‎ ‎بل على الشبهة،‎ ‎‎وتستمر في العدوان‎.‎‏ ولم نسمع أي مرة أنها قالت لإسرائيل: “أوقفي‎”‎،‎ ‎أو أعلنت أن ‏على إسرائيل أن تتوقف‎.‎

ما هذا الدعم الأمريكي؟‎ ‎قالوا: أمريكا تدعم الجيش اللبناني؟‎ ‎بماذا تدعم الجيش اللبناني؟‎ ‎هي لا تُعطي الجيش ‏‏اللبناني إلا مقدار الأسلحة التي يستطيع من خلالها أن يُدير الوضع الداخلي‎، أي سلاح فيه شبهة أنه يمكن أن ‏يصل ‏إلى الكيان الإسرائيلي، أي سلاح له مدى أو له فعالية، أو يمكن أن يؤثر على الطيران، أو يمكن أن يؤثر ‏على الجيش ‏الإسرائيلي، ممنوع أن يحصل عليه الجيش اللبناني، ليس فقط من أمريكا، بل من أي مكان في ‏العالم، ممنوع. فأين ‏هو الدعم الأمريكي؟ لا يوجد دعم. حتى عندما يعطون الجيش، يعطونه من أجل إسرائيل، ‏لا يعطونه من أجل ‏لبنان. فإذاً، أمريكا هي تتصرف بعدائية حقيقية.‏

‏”طيب”، هي تمنع الإعمار، ما علاقة الإعمار بموضوع أمن إسرائيل؟ هذا جزء من الضغط، لأنها لا تستطيع ‏مواجهة ‏المقاومة وشعب المقاومة، فيلجؤون إلى طرق أخرى حتى يؤذوا الناس، ويؤذوا هذه الشريحة ليمنعوها ‏من أن تكون ‏قادرة اقتصاديًا واجتماعيًا، ويمنعوها من الالتفاف حول المقاومة.‏

ليس فقط أنهم لا يعطوننا في ملف الإعمار، بل يمنعون الناس الذين يريدون أن يتبرعوا، ويمنعون نهضة لبنان ‏‏واقتصاد لبنان، فهل هذه مصلحة للبنان؟

أجدد دعوتي: فلنكن يدًا واحدة لطرد إسرائيل وبناء لبنان. نجري الانتخابات النيابية في موعدها، وتضع ‏الحكومة ‏بند الإعمار كأولوية، وتسرّع عجلة الإصلاح المالي والاقتصادي، وتكافح الفساد، ونتحاور بإيجابية ‏لاستراتيجية الأمن ‏الوطني.‏

هذه دعوتنا، وهذا ما نقوله لكم.‏

رابعًا وأخيرًا: نحن نعرض الحوار والتفاهم من موقع الاقتدار والقوة، وأنتم تعلمون ذلك. ساحتنا مشتعلة بنور ‏‏التضحيات، بعد عطاءات الدماء العظيمة لسيد شهداء الأمة، والشهداء القادة، والشهداء المجاهدين جميعًا، ‏‏والأهل الأعزة.‏

إيماننا راسخ بمقاومة المحتل الإسرائيلي لطرده وتحرير أرضنا. لا نقبل بأقل من ذلك، ونحن مستعدون ‏لأقصى ‏التضحيات لنَبقى أعزّة. جمهورنا ترونه بأمّ العين متمسكًا بسلاح المقاومة، لأنه رأى ثمارها في ‏التحرير، والردع، ‏والحضور.‏

واليوم، أود أن أقول لمن لا يعلم: لا يحتاج جمهورنا إلى تعبئة للمحافظة على السلاح والمقاومة، بل نحن ‏كقيادة نأخذ ‏من جمهورنا تعبئة للمحافظة على المقاومة وعلى السلاح. أي أصبحت التعبئة متبادلة بيننا وبينهم،

لأن جمهورنا وصل إلى مكان راقٍ جدًا، ومكان متفاعل جدًا، لم يعُد يقبل إلا أن يكون عزيزًا.‏

نحن ننظر إلى أي مواجهة للمشروع الإسرائيلي بأنها مواجهة وجودية، وجودية لنا، ووجودية للوطن، ‏

ومعها يرخص كل شيء.‏

الحمد لله، الله عز وجل أنقذ لبنان من فتنة “خمسة آب”، بـ”تكويعة” خمسة “أيلول”، لأن أي فتنة ستنقلب على ‏‏الجميع.‏

كيف نترك السلاح، ومجزرة صبرا وشاتيلا التي ذهب ضحيتها 3000 مدني من الرجال والنساء والأطفال ‏من اللبنانيين ‏والفلسطينيين، منذ 43 عامًا، بعد ترك السلاح والضمانات الأمريكية؟ وهذه المجزرة بيد ‏إسرائيل، وعملاء ‏إسرائيل.‏

العدو ما زال هو العدو، وصاحب المجازر هو نفسه. فكيف يُترَك السلاح؟ كيف؟ ‏

حرب الإبادة التي تحصل في غزة، وهي برعاية أمريكية كاملة؟ اسمعوا ترامب، ماذا يُصرّح: يعطيهم فرصة ‏تامة، ولا ‏يعنيه، حتى لو أُبيد الشعب الفلسطيني في غزة عن بكرة أبيه، فلا مشكلة لديه، لأنه ينظر إلى ‏الأرض، وإلى الاقتصاد، ‏وإلى مستقبل إسرائيل ومستقبل أمريكا، ولا ينظر إلى حقوق هذه الشعوب. هذه ‏المجازر الكبرى التي يندى لها جبين ‏الإنسانية، تدلّ على وجود طاغوت حقيقي.‏

اعلموا أن الاستهداف للجميع، الآن، اليوم أريد أن أسأل: لماذا تتسلح الدول؟ أليس لحماية نفسها؟ فلماذا يُمنع ‏‏الجيش اللبناني من أن يتسلح؟ لأنه ممنوع أن يحمي نفسه، وممنوع أن يحمي دولته.‏

لماذا تتسلح المقاومة؟ أليس لتحرير أرضها؟ فكيف يمكن الاستغناء عن السلاح إذا أردنا أن نحرر الأرض؟

اليوم رأيتم العدوان على جنوب لبنان، خمس قرى ومدن قُصفت أمام مرأى العالم، بتهديدات أمام العالم، وهذا ‏‏عدا عن كل القتل، والتدمير، والجرف، وقصف المنازل، وهذا أمر مستمر. وماذا بعد؟ هل ستبقى إسرائيل ‏هكذا، ‏ويتفرجون عليها؟ الحكومة اللبنانية مسؤولة في أن تواجه هذه الاعتداءات الإسرائيلية. لا يقل لي أحد: ‏‏”شو طالع ‏بإيدها الحكومة اللبنانية، طالع بإيدهم، طالع بإيدهم يصرخوا، ويجب أن يصرخوا كل يوم. بإمكانهم ‏أن يبعثوا ‏رسالة إلى مجلس الأمن حتى ولو لم يصدر مجلس الأمن إدانة لإسرائيل أو قرارًا بإيقافها، دعوا العالم ‏يسمع هذا ‏الصراخ، دعوه يفكر بطرق خارج الصندوق، خارج التفكير التقليدي.‏

لماذا لا يُطرح مثلاً سؤال على الجيش اللبناني: ما هي خطتك أيها الجيش اللبناني من أجل التحرير إذا ‏اضطررنا إلى أن ‏نقاتل إسرائيل؟ كيف يمكنك أن تستفيد من الشعب اللبناني ومن المقاومة، لنضع حدًّا ‏للموضوع الإسرائيلي، أو ‏على الأقل نمنعهم من الاستمرار؟

ادرسوا الخيارات، لماذا تخافون منها؟ لماذا لا تقتربون منها؟ وتذهبون بدلًا من ذلك إلى خيارات تتعلق بفتن ‏الداخل؟ لا، ‏هذه مسؤولية.‏

موقف الرؤساء الثلاثة في العدوان الأخير على الجنوب كان جيدًا، لكن هذا يحتاج إلى متابعة وإلحاح يومي.‏

دعوا الأولوية تكون: إيقاف العدوان، مواجهة إسرائيل، إخراج المحتل، وبداية الإعمار. ‏

هذه هي الأولويات، لا تكون الأولويات أن نشتغل ببعضنا البعض، دعوا هذه الأولويات تكون واضحة.‏

نحن، كمقاومة، حاضرون أن نقوم بواجبنا إلى جانب الجيش اللبناني، إذا كان لديكم أي قرار، أيًّا يكن،

نحن حاضرون، لكن فقط في مواجهة العدو الإسرائيلي، وليس أن نتواجه نحن مع بعضنا.‏

يبرر البعض فيقول: “المشكلة أنهم يهددوننا بمنع المساعدات، ويهددوننا بالحرب”.‏

يا أخي، ليس الأعظم هو منع المساعدات، ولا التهديد بالحرب، بل الأعظم هو إزالة القدرة والقوة، وذبحنا على ‏مذبح ‏الاستسلام، هذا هو الأعظم. مع العلم أن كل هذه الدعايات التي يروجونها، “نفرج لكم “، “نفعل”، ‏‏”نعمل”… ألم ‏تسمعون ما قاله الأمريكي؟ قال: عندما لا يبقى أي سلاح للمقاومة في لبنان، سنرى إذا كانت ‏إسرائيل ستتوقف أم لا. ‏جميلة هذه العبارة! لا يبقى سلح، من الآن إلى يوم القيامة، سيبقى هناك سلاح.‏

فكيف نصل إلى هذه النتيجة؟ ‏

هؤلاء كاذبون، لا يعطونكم شيئًا. حسنأً، للذي يقول: “ماذا يمكننا أن نفعل؟” يا أخي، هل إسرائيل تعتدي على ‏لبنان ‏فقط؟ هل أمريكا أيضًا تعتدي على لبنان فقط؟ انظروا، أمريكا وإسرائيل تعتديان على العالم بأسره!‏

لا يوجد أحد في العالم إلا ويُعتدى عليه. ماذا تفعل شعوب العالم؟ تفكر في حلول لمواجهة هذه الاعتداءات،

سواء في أوروبا، أو في أمريكا اللاتينية، أو في أي مكان في العالم. هل هناك بلد في العالم تتركه أمريكا ‏مرتاحًا إلا ‏وتواجهه اقتصاديًا، سياسيًا، وبأساليب مختلفة.‏

أريد أن أقول لكم شيئًا: نحن يجب أن نعتبر ونتعظ من الأمم السابقة.‏

فرعون، إلى أين وصل؟ وصل إلى أعلى المراتب. لكن ماذا قال الله عز وجل عنه؟

قال: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا، يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ، يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ، ‏إِنَّهُ كَانَ ‏مِنَ الْمُفْسِدِينَ. وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ، وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً، وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.‏

مهما كان طغيان الإنسان، في النهاية، فرعون أين ذهب؟ ذهب، غرق فرعون، أبيد فرعون ومن معه.‏

انظروا إلى الإمبراطوريات السابقة، كل الإمبراطوريات على مستوى الشرق والغرب، وصلت إلى أعلى ‏المراتب، ولكن ‏حينما كانت فاسدة، منحرفة، ظالمة، طاغوتية، سقطت.‏

الظلم سيسقط، ولو بعد حين، لكن علينا أن نظل صامدين، وأن نظل ثابتين. فليعلم الجميع أننا لن نكون عبيدًا،

وقد خلقنا الله أحرارًا.‏

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏

 

 

الجمعة 19-9-2025‏

الموافق: 26-ربيع اول-1447‏