غادر وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بيروت، تاركا وراءه اجواء سلبية لعدم وجود خطة عمل واضحة لدى القاهرة، يمكن البناء عليها لوقف التصعيد الاسرائيلي ومنع تدهور الامور نحو الاسوأ، بعدما تخلى عن احد اهم البنود التي حملها معه رئيس الاستخبارات المصرية حسن رشاد، تحت عنوان «تجميد السلاح» لا نزعه، بعد الرفض الاميركي- الاميركي للفكرة. لكنه وعد، وفق مصادر سياسية بارزة، ببذل المزيد من الجهود لمحاولة اقناع الجانب الاميركي بضرورة العودة الى القواعد السابقة للاتفاق، والمتعلقة بتقييم التزام لبنان بحصرية السلاح جنوب الليطاني مع مطلع العام المقبل، وليس معالجة هذا الملف على كامل الاراضي اللبنانية، باعتبار ان النية موجودة لدى السلطات اللبنانية لكن لوجستيا من غير المنطقي حشر لبنان في جدول مواعيد يدرك الجميع انه مستحيل التطبيق. ووفق مصادر مطلعة، لفت الوزير المصري الى ان ثمة انقساما في واشنطن بين المؤسسة السياسية وخصوصا في الكونغرس، وبين «البنتاغون» حيال هذا التفصيل، حيث يعتقد «الجنرالات» ان التقييم يجب ان يكون لمنطقة جنوب الليطاني، وينظرون بايجابية لدور الجيش هناك والمهمات التي يقوم بها منسقة على نحو كامل ولا تشوبها اي ثُغر، لكن الضغوط الاسرائيلية نجحت في التاثير في البيت الابيض بالتنسيق مع «رجالاتها» في الكونغرس.
وعلم في هذا السياق، ان المهمة المصرية ستتركز على اقناع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، بان اي تدهور في الاوضاع على الجبهة اللبنانية، سينعكس حكما على قطاع غزة، حيث لا ضمانات بعدم عودة الحرب اذا اشتعلت الجبهة اللبنانية، ولهذا من المفيد تخفيض حدة التوتر، ومواصلة التعاون مع الحكومة اللبنانية ومساعدتها لتنفيذ تعهداتها. وسيعمل الوزير المصري على تفعيل اتصالاته الاقليمية، لكن الاجواء الباريسية لا تدعو للتفاؤل، بعدما انتهت المحادثات بين وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره الايراني عباس عراقتشي الى «لا شيء» عمليا، وعلمت «الديار» ان باريس لم يكن لديها ما تقدمه على مستوى الضمانات للايرانيين، في ظل غياب التفاهم مع الأميركيين على كيفية التعامل مع الملف اللبناني، فيما تعتبر طهران ان حزب الله يلتزم بما تعهد به، ولا شيء يقدمه في هذا الاطار، ولا يمكن ممارسة اي ضغوط، خصوصا ان ما هو معروض «الاستسلام» ولا شيء آخر. وهو الامر المعروض على طهران لاستئناف المفاوضات النووية، وهو ما ترفضه السلطات الايرانية. وبرأي الايرانيين، فإن الاستعجال في تقديم تنازلات يعزز شهية «إسرائيل» لفرض المزيد من الشروط.