يقرأ الشباب تاريخه عبر البصر وهنا خطورة السينما!
من خلال هوليود شوه اليهود الحقائق وقدموا سردياتهم كما يشتهون!
السينما كانت شريكة في انتصار الوهم الأميركي ونحن لا نزال نتجادل عن دورها الترفيهي أو الرسالي!
السينما لا تؤمن بالدبلوماسية في طرح قضايا التاريخ ولم تعد المختبر!
علينا أن نتصالح مع الحياة بكل سلبياتها وايجابياتها وأن نحلم!
الأعمال الإيرانية خارج التسويق الصح ومغيبة إعلامياً رغم تميزها!
هكذا نواجه الصهاينة والرأي العام الغربي ينتظر إيران!
اشكالية السينما أن تبقى اشكالية وأن تناقش الحدث وترفض القيود!
إيران // موناسادات خواسته
**الفن السابع متميّز بين الفنون، وله جاذبيته الخاصة بين الشعوب في مختلف أنحاء العالم، وتُقام مهرجانات سينمائية دولية ومحلية له خلال السنة، كما أن إيران تقوم بإقامة مهرجانات سنوية ودولية مختلفة، منها مهرجان فجر السينمائي الدولي الذي نحن على أعتاب إقامته بنسخته الـ 43.
وبما أن الأفلام الإيرانية لها صدى عالمي، ولدور الهام للمسلسلات والأفلام السينمائية بصورة عامة، أجرينا حواراً مع الخبير والناقد اللبناني “جهاد أيوب” الذي له كثير من النشاطات وتكرّس إسمه كناقد بفعل تراكم الخبرة والحضور في الكثير من المقامات المستحقة للنقد، وأعدّ العديد من الأفلام الوثائقية، وكان الحديث عن الفن السابع والسينما بصورة عامة والأفلام الإيرانية والمقاومة، وفيما يلي نص الحوار:
* ما هو رأيكم بالفن السابع، و تأثيره في المجتمع؟
– الفن السابع كان الأكثر تأثيراً في الشعوب، وهدف الشباب في التواصل معه، ورغم أن الفن السابع يسجن التاريخ في فيلم، ويجعله ذاكرة الشعوب ومراحل من حياة، لكنه اليوم أقل تأثيراً في جيل الشباب…وهذا لا يمنع أهمية السينما، والعودة إليها في مناقشة التاريخ وبعض الأحداث رغم تشويه الحقيقة واختراع مصادر غير صحيحة، فالشباب ابتعد عن القراءة، وإن أراد القراءة يذهب إلى السينما أي يقرأ بصرياً، وأصبح يعتمد في معرفة تاريخه عن طريق السينما، وهنا تكمن خطورة الفن السابع!
نحن تأخرنا كثيراً لإكتشاف دور السينما وهذا التأثير الكبير، ولكن الصهيونية العالمية وتحديداً اليهود منذ اختراعها في هوليود اكتشفوا تأثيرها وخطورتها، واستغلوها لتقديم رواياتهم وعنصريتهم كما يشتهون، وبدأوا بمحاربة الكنيسة حتى انتصروا، ومن ثم أخذوا يمررون رسائل تغير نمطية الإنسان فكراً وتصرفاً إلا ما هو قليل في تقديم الحالة الإنسانية!
نعم من خلال سينما هوليود شوه اليهود الحقائق، وقدموا سردياتهم الكاذبة كما يشتهون!
نعم سينما هوليود كانت شريكة في انتصار الوهم الأميركي على العالم، بينما نحن في الشرق لا نزال نتجادل إذا كان الفن السابع رسالة أو ترفيه!
وما اعاق حضورها الكبير وتأثيرها أن المنتج في بلادنا وضع شروطه كما يشتهي على حساب الموضوع والطرح والموضوعية ورسائله السياسية كما حال الدراما العربية اليوم، وأيضاً المبدع الفنان في الفن السابع انتظر تمويله انتاجياً من الدولة، والدولة شروطها تعجيزية دبلوماسية، والسينما لا تؤمن بالدبلوماسية في طرح القضايا والتاريخ…وهنا معضلة مخيفة في استمرار السينما…السينما تحتاج إلى أخلاق وأمانة وانتاج غير مشروط، وليس إلى مصالح الدولة التي تتغير مع الزمن، وقد يسعى المخرج إلى تقديم وجهة نظره فيما يقدم وهذا حقه بشرط أن لا يلغي حقيقة المطروح!
## عدم التأثير
* ولماذا لم يعد الفن السابع مؤثراً كما السابق؟
– لآن مضمونه اختلف، هو اليوم يسعى إلى تهميش دوره لمكاسب تجارية…في السابق كان يؤمن بدوره ويوازي ذلك مع التجارة، واستطاع التوازن بينهما، اليوم يعتمد على فهم التجارة وما يرغب به المشاهد، ومشاهد هذا الزمن بغالبيته يحب السذاجة والسهولة والتمسخر والتنمر مع إبراز شهواته الجنسية والضحك من أجل الضحك، وسينما اليوم هي تجارة قبل أي شيء، والتجارة تتطلب البحث في شطارة كسب المال!
* كأنك تنسف تطلعات القيمين على الفن السابع بكلامك هذا، لماذا؟
– لا شك عشاق السينما يدمنونها، والتنظير فيها وحولها لا يلغي ادمانهم لها، ومن حق من يعمل في السينما أن يحلم، والحلم يشعره بوجوده إلى أن يكبر في التجربة والعمر فيصاب بالصدمة، وحينها يبدأ بالواقعية ويخف جنونه ويتطلع إليها بخوف منها وعليها!
والواقع الحالة البيئة المجتمع النظام الحركي لاستمرار الحياة يقول أيوب:” لم تعد قضايا الأمة أو الإنسان تعني العاملين في الشأن الثقافي الفني الإبداعي، وتحديداً في الفن السابع، أصبحوا يبحثون عن حالة شاذة أو مخالفة وقد تكون هامشية، ويبرزونها ضمن لعبة الضوء، ويقدمونها كما لو كانت هي الكون، ونظراً للإمكانيات الفنية المتطورة، وللعبة التسويق وتأثير الإعلام تصبح هذه الحالة الفردية الهامشية هي الحدث والقضية لفترة قصيرة، نعم تأثيرها ينتشر لأيام ويختفي، والسبب لكونها ليست قضية، وليست رسالة لتسجيل موقف أو تطوير الجماعة ولفت نظر الفرد كي تتعمم! “!
الفن السابع لم يعد المختبر كما حال المسرح المقبل إلى أفول وجوده، وأصبح فقط للمهرجانات وللنخبة المتقلصة!
## الخروج
* وكيف نخرج من هذا الحال؟
– علينا أن نتصالح مع الحياة التي نعيشها بكل ايجابياتها وسلبياتها الواقعية، وأن ننظر إلى مساحة دور السينما في التأثير لا أن تتأثر هي بما يحدث من مشاكل تنعكس عليها، على السينما أن تخوض حرباً على الواقع وتعيد أناسه إليها وإلى طرح ما فعلوه…اشكالية السينما أن تبقى اشكالية لا أن تتصالح مع الحدث بل مناقشته، وتنتقده، وهذا يتطلب نظرة جديدة عند السينمائيين، أي أنهم يتحملون مسؤولية تردي حال السينما، وابتعاد المشاهد، وتقوقع المجتمع في زجاجة السماجة والسذاجة!
يجب أن تتحرر السينما من كل القيود، وتغوص بدورها لا أن تكون روافد لسياسات غيرها…الحرية مع الأخلاق والتكنولوجيا والكرم وعدم التزوير سلاح يرفع من شأن السينما خارج خفوت شمسها، والأهم مصداقية المهرجانات، وابعاد المصالح السياسية عنها!
##العمل الجيد
* ما هو تقييمكم للأفلام و المسلسلات الايرانية، ومكانتها في المنطقة، ومدى الإقبال عليها؟
– الإقبال يتم من خلال العمل الجيد والتسويق الصح، وللأسف الدراما الإيرانية تنفذ بجدية وبمسؤولية، وفيها ما هو متميز ومنافس، ولكنها خارج التسويق الصح، وغائبة ومغيبة احياناً عن الإعلام!
يتطلب الأمر قراءة جديدة لواقع حالها، والانفتاح يجب أن يبتعد عن سياسة الدولة حتى لو كانت الدولة تنفق على المهرجانات…
والأهم الاختيار للمشاركين والضيوف والمحاور التي ستناقش، وبعد هذا العمر وهذه الجوائز العالمية التي تحصد لا بد أن نثق بما لدينا، وأن نؤمن برؤية الفنان، وأن نتصالح مع الكاميرا وتطورها!
أنا شاهدت الكثير من الأعمال الدرامية الإيرانية المهمة، وفيها مساحة من الإنسان، وهذا شبه مغيب ويغيب عن الدراما في العالم، لا يزال الإنسان محور الفن السابع الإيراني، ولكن الإنسان في الغرب أصبح مجرد آلة عابرة بحجة تطور الزمان، وهذه نقطة تحسب للفن الإيراني!
والجميل في الدراما الإيرانية دخولها إلى التاريخ الديني والمعاصر بذكاء وبسخاء، واتمنى ألاستمرار في هذا النهج، إنهم يعرفون الدخول إلى التاريخ ومناقشته، وهذه حالة يحسدون عليها!
* ما هو رأيكم بالنسبة لأفلام المقاومة، و الأفلام الوثائقية، ودورها في تخليد المشاهد الهامة؟
– افلام المقاومة تقدم إيرانياً بشطارة ومبالغة…شطارة في التنفيذ فنياً بالشكل والمضمون والأداء، ويسعون إلى التصالح مع التكنولوجيا دون خوف، وهذا مهم جداً، ولديهم مجموعة من الممثلين يتقنون اللعبة، وذات قيمة تعبيرية متفوقة!
والمبالغة تأتي بتقديم الشخصية كما لو كانت ميثالية لا تخطئ، أو جعل القضية تصوفية مغرقة…أنا لا أستطيع أن اعمم، بل أتحدث عن مشاهداتي، وقد أكون على خطأ ولكن ليس خطأ كلياً، وأنا على قناعة باصابتي الهدف!
الأفلام الوثائقية الإيرانية وحتى المسلسلات التي تناولت ما بعد الثورة ومرحلة شاه إيران قبل الثورة تلفت وتبهر، تلفت لتناولها بحرفنة وذكاء، وتبهر للقراءة البصرية الواقعية من شكل ومضمون ومكياج وديكور وازياء واختيار الممثلين…أنا احسدكم على هذا!
## المواجهة
* كيف يمكن مواجهة العدو الصهيوني و الأمبريالي عن طريق صناعة الأفلام، خاصة فيما نشهد تضليل الرأي العام عن طريق ماكينتهم الإعلامية؟
– المواجهة تكون من خلال ما ذكرته انفاً، ومع ذلك علينا استغلال الأحداث المعاصرة من مجازر دامية صنعها العدو الصهيوني وتقديمها بأسرع ما يكون، ومنها ما حدث في غزة وجنوب لبنان، أو الضربات الإيرانية على الكيان المؤقت وما سبقها من حالات اجتماعية مع قليل من السياسة…أن نضوي على الإنسان وجرائم الصهاينة هو الحل المواجه بشرط أن يوازي ذلك خدمة إعلامية ودبلجة هذه الأعمال إلى اللغات العالمية لا أن نكتفي بلغتنا نحن كما لو كنا ننتج لحالنا وليس للعالم!
الرأي العام ينتظر إيران ماذا تقدم وماذا يحدث فيها وكيف تواجه، والغرب استطاع أن يكرس إعلامه لتشويه إيران وكل من يقاوم إسرائيل وأميركا، لذلك أدعوا إلى قراءة مختلفة كلياً في السياسة والفن، والمقاومة في القطنة لم يعد ينفع المرحلة وما ينتظرنا من شرور الشيطان الأكبر!
مخاطبة الرأي العام هو فن يتطلب مصداقية في التناول، والمصداقية موجودة في السياسة الإيرانية، لذلك من السهل أن تنعكس في أدوات التعبير على الرأي العام الضيق والواسع مهما اختلفت اللغة!
* ما هو رأيكم بالنسبة للإنتاج المشترك الإيراني- العربي؟
– أنا مع الإنتاج المشترك، والتواصل الفني بكل فروعه لا بل هذا يغني الطرفين، ولكن أن نكون واقعيين فالنتائج حتى الآن غير مرضية وغير مؤثرة، ربما التعاون في دبلجة الأعمال الإيرانية حقق الشهرة وبعض الانتشار، ولكن على صعيد تقديم الأعمال لم نتلمس النجاح والتميز…وقد شاهدت بعض الأفلام المشتركة وكانت عيوبها كثيرة أهمها إهمال المكان والزمان وابعاد شخوص أداء الممثل…إن الاستعانة بالخبرات المشتركة يجعلنا ندرك خطوات النجاح، ونطلق ورشة غنية!
* تفضل واختم هذا الحوار لو سمحت …
– لا نهاية في الثقافة والفن والحديث معكم، بل دائماً هنالك بدايات لأمل جديد وأفضل، وأحب أن أذكر أن التواصل الثقافي ” أدب وفن وتشكيل وفنيبن” يوصل إلى التصالح مع الآخر، ويفتح نوافذ جديدة يتصالح فيها الإنسان المسؤول صاحب المشروع مع الرأي العام، ويحل خلافات عالقة في خبايا الذاكرة وصنعت رواثب فيها فهم خاطئ لغيرنا…الفن السابع هو مفتاح التصالح مع الآخر ومناقشته لمصلحتنا مهما اختلفت الرؤيا!
شكراً لهذا الحوار ولجهودكم على أمل العطاء المستمر وبمسؤولية كما عهدنا بكم…