امي والسيد

 

ع.غ / كاتب من اسرة شبكة جبل عامل الإعلامية

 

مذ بدء مشوار الكتابة دون ادعاء اني كاتب، ابتعدت ما استطعت عن اي اشارة ذات بعد شخصي. كما يقول ذلك العلامة ان الجهل بها لا يضر والعلم بها لا ينفع.

 

انكبابي على القراءة منذ سن مبكر كان لعدة عوامل، لكن اهمها اني اردت ان احاجج مرفودا بمعلومة. اولى المشاهد التي حفرت عميقا كان مشهد امي وهي تتعثر من اعلى الكرسي التي صعدت اليها لترى السيد الذي حضر وسط الحضور في مهرجان الانتصار. امي التي لم تدعني انتقل من شارع الى اخر، الا في عمر الرابعة عشر او دون ذلك بقليل تركتني وراحت تحدق علها تتبرك برؤية السيد.

 

كبرت وزاد ولعي بالقراءة وبات السيد بالنسبة لي قائد اهم حركة تحرر وطني في الاقليم. وسط خطابات السيد حيث نتسمر على الشاشة ويأخذ ابي بالنقاش مع السيد كأنه امامه معارضا في حين ومؤيدا في حين اخر. تشتاط “ام العبد غضبا” من صوته الذي يشوش عليها وتتنفس الصعداء حين يغادر الى الغرفة الاخرى. يبدء منحى جديد من “اليقبرني” و”صحة” و”ايه جننهن يقبرني ربك”

 

بواكير افتتاح مطعم الساحة كانت التكنولوجية لم تأخذ هذا الزخم، تواجد شاب يقوم ب”تركيب الصور”. يكون اخي غامرا السيد. يقف ابي مستمعا لكلام امي” وانا كمان بدي” ليصاب ابي بالحرج ويشير عليها اخوتي “تقضحيناش يين العالم”. نعم هي ذلك الحجاب السني الذي يمارس الفروض بمقدارها دون تكلف، ينطبق عليها وصف سلامة كيلو”جماهير التدين العفوي”. حالها حال تلك الفتاة التي في حفل تكليفها نسيت الحفل وسارعت لتقبيل السيد.

 

لا احدث امي في سفسطة كلامية وتعابير خشبية استقيها من هذا الكتاب او ذاك. لم تهتم يوما لمانيفستو ماركس ولا نقد نظرية القيمة لسمير امين او حتى كتاب الصدر. لكنها تدعو لي في كتاب مفاتيح الجنان. لكن ما يهم فهي الحضن الوحيد الذي بكيت كالطفل يوم سماع نبأ شهادة السيد. وحتى اليوم لا اجد ضالتي الا في حضنها كل ما اسمع صوت او استحضر السيد.