تسويات كبرى تقترب… و«المخيمات» في قلب الحدث

 

كتبت صحيفة “الديار”: شكّلت موافقة حركة حماس، على مبادرة سياسية أمنية اقترحتها الإدارة الأميركية، وسط وساطات إقليمية، نقطة تحوّل محتملة في معادلات الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والمنطقة ككل، إذ فتحت الباب أمام تحوّل استراتيجي، بعد عامين على حرب مدمّرة، سدت معها كل المسارات السياسية والعسكرية، التي كسرها موقف الحركة المستجد، ما طرح أسئلة جوهرية حول موازين القوى في المنطقة، ودور المحاور الإقليمية، وموقع لبنان ضمن هذا المشهد المتحرك.

 

من هنا، تأتي أهمية قراءة هذا الحدث ليس فقط كخطوة تفاوضية تخص غزة، بل كمنعطف استراتيجي يمسّ كامل منظومة الصراع في المنطقة، مطلقا سلسلة من التحولات المتشابكة في موازين القوى، التحالفات الإقليمية، وأولويات الدول المعنية، ما يجعل من لبنان ساحة اختبار دقيقة، تبدو المنطقة معه امام مرحلة جديدة من إعادة تموضع الاطراف المختلفة:

 

• الولايات المتحدة الاميركية الساعية لتثبيت اختراق دبلوماسي يعيد لها زمام المبادرة في الشرق الأوسط بعد انكفاء سنوات إدارة بايدن.

 

• «إسرائيل»، التي بدات تواجه مأزقاً داخلياً حاداً، بين تيارات سياسية متنازعة حول مستقبلها بعد هذا التحوّل، وسط استطلاعات رأي بينت ان اكثر من 60% من الاسرائيليين يؤيدون رحيل بنيامين نتانياهو عن السلطة.

 

• دول الخليج، مصر وقطر، التي تجد نفسها أمام فرصة لإعادة الإمساك بخيوط الوساطة الإقليمية، فيما تحاول إيران وحلفاؤها تفادي انعكاسات هذا المسار على نفوذهم الممتد من غزة إلى لبنان.

 

• لبنان، الذي يقف على تماس مباشر مع هذه التحولات، حيث يشكل استمرار انتهاك «اسرائيل» لاتفاق وقف الاعمال العدائية، جزءاً من معادلة الضغط، حيث تجمع آراء الكثيرين، على ان أي تفاهم بين حماس وواشنطن، وان كان جزئيا، سينعكس بالضرورة على الجبهة اللبنانية، سواء عبر تخفيف احتمالات المواجهة أو من خلال تصاعد الضغوط السياسية والأمنية لتنفيذ قرار «حصر السلاح» الدولي.

 

لبنان ابرز المعنيين

 

فالمفاوضات «الايجابية والسريعة» في شرم الشيخ، لا يمكن فصلها عن واقع تاريخي طويل من التداخل بين ملفات غزة ولبنان، من وجود مجموعات فلسطينية مسلّحة داخل المخيمات اللبنانية، مرورا بالعلاقة المتشابكة بين هذه الفصائل وقوى إقليمية، وصولا الى دور كل من الوسطاء الإقليميين، والفاعلين الدوليين، حيث ان أي تغيير في موقف حماس تجاه حل سياسي أو تهدئة في غزة يدفع فوراً الى طرح تساؤلات استراتيجية حول مصير سلاحها وطبيعة وجودها في لبنان، لجهة مدى قابليتها لتفكيك هذه البنى أو تعديلها، وتبعات ذلك داخلياً وإقليمياً.

 

سحب سلاح حماس

 

اوساط دبلوماسية عربية متابعة، كشفت ان موضوع سلاح حماس خارج غزة، وكذلك وجود قياداتها واصولها، سيكون مطروحا على طاولة التفاوض، في المرحلة الثانية من الترتيبات الامنية، وفقا لما تؤكد عليه جهات اميركية، مشيرة الى ان لبنان سيكون من ابرز المعنيين بهذا الملف، ما يحتم على حكومته الاستعداد لمباشرة اتصالاتها الاقليمية والمحلية لبدء تنفيذ عملية سحب سلاح حماس في لبنان، وبحث ترتيبات وشروط اقامة قادتها، في اطار الحل الاوسع الذي يعمل عليه، بمساعدة الاطراف الاقليمية، وفي ومقدمتها قطر ومصر، اللتان ستلعبان دورا اساسيا في المرحلة المقبلة لفكفكة الالغام ومساعدة السلطة اللبنانية على انجاز الاتفاق معالحركة.

 

ورات الاوساط انه في هذا السياق، يصبح لبنان لاعباً اساسيا، بسلطتيه السياسية والعسكرية – الامنية، وتوازن القوى الطائفية والسياسية، التي ستتاثر كلها حتما بأي تغيير في وضع الفصائل الفلسطينية، ايا كان شكله، لذلك فان أي سيناريو لتقليص وجودها المسلّح أو «تحويله»، يتطلب آليات تنفيذ محلية ودولية واضحة، وإلا فان المخيمات ستبقى ساحة احتكاك يحتمل أن تتحول إلى أزمة داخلية أو مدخل لتصعيد إقليمي، خاتمة بان كيفية ادارة وتعامل بيروت مع هذا الملف ستعكس مدى قدرتها ومصداقيتها أمام المجتمع الدولي.