| محمد حمية | كاتب ومحلل سياسي
شكّلت الانتخابات البلدية والإختيارية في الضاحية والبقاع اختباراً جدياً لقوة التمثيل الشعبي للثنائي الوطني حركة أمل وحزب الله واستفتاء على خيار المقاومة، لكن الانتخابات في الجنوب ستُشكل مفصلاً كبيراً للأسباب التالية:
*تحدياً أمنياً للجنوبيين الذين قرروا الزحف الى قراهم لإثبات وجودهم والإقتراع لخياراتهم الإنمائية والسياسية على وقع مسلسل الغارات الإسرائيلية قبيل 48 ساعة من إنطلاق العملية الانتخابية.. والتحدي هل أن الغارات والتهديدات الإسرائيلية أخافت الجنوبيين ومنعتهم من الحضور الى قراهم وممارسة حقهم الديمقراطي أم لا؟
*بطبيعة الحال نجاح الثنائي بقيادة ورعاية الرئيس نبيه بري بفوز لوائح التنمية والوفاء بنصف قرى الجنوب بالتزكية لا سيما القرى الحدودية، حيث يمكن القول إن نصف الجنوب زكّى المقاومة فيما نصفه الآخر سيُزكيها في الصناديق، لكن هذا لم يرقَ للعدو فأراد بالنار إخافة أهالي الجنوب وترهيبهم وبالتالي يريد أن يُثبت بأن الغارات أداة ناجحة لإبعاد الناس عن أرضهم وخياراتهم، علماً أن العدو يجرب المجرب لأن الجنوبيين لم يتزحزحوا قيد أنملة عن خيار المقاومة تحت نار الحرب الضخمة طيلة عام ونصف.
*اختبار فعلي لشعبية الثنائي ومدى تمسك الجنوبيين بخيار المقاومة لأنه الاستحقاق الأول بعد الحرب الأخيرة وبالتالي ستُتيح النتائج دراسة أية متغيرات على المزاج الجنوبي بعد حرب الإسناد والتدمير الكبير الذي لحق بقرى الجنوب.
*رغم طابعها البلدي والإنمائي إلا أن الجنوبيين لن ينتخبوا المجالس البلدية والاختيارية فحسب، بل سيصوتون لوجودهم ومصيرهم في هذه المنطقة في ظل التحولات والتحديات الكبرى في المنطقة لا سيما الخطر الوجودي المتأتي من إسرائيل وتنظيمات متطرفة في الحدود السورية، وبالتالي ينتخبون تمسكهم بخياراتهم وسلاحهم وعودتهم الى أرضهم وإعادة إعمارها ولو بعد حين مهما عظمت التضحيات واشتدت المؤامرات.
*على كل ناخبٍ جنوبي الإنتباه إلى أن سفارات دول غربية وعربية (أتحدث عن معلومات) سترصد سير العملية الانتخابية والنتائج لأنها تعطي صورة واضحة عن أي تغير في المزاج الشيعي والجنوبي تحديداً وهذا هدف لطالما رصدت أجهزة الاستخبارات الأجنبية مليارات الدولارات لتغييره (اعتراف جيفري فيلتمان والنصف مليار دولار لتشويه صورة المقاومة)، كما إن النتائج ستكون توطِئة للانتخابات النيابية المقبلة ومدى القدرة على التأثير على إرادة وتوجهات الناخب الجنوبي لتغيير المعادلة السياسية بعد فشل الحرب العسكرية بذلك.
*أهمية الصوت الجنوبي تكمن في أن تصويته للوائح التنمية والوفاء سيُضعف أي رهانات خارجية على السعي لاختراق لوائح الثنائي في الانتخابات النيابية بمقعدٍ شيعي يمكن انتخابه رئيساً لمجلس النواب وإزاحة الرئيس بري من المشهد السياسي بعد اغتيال السيد حسن نصرالله (أتحدث عن معلومات هناك جهد خارجي – داخلي كبير بدأ لاختراق لوائح الثناني في الانتخابات النيابية المقبلة). والأهم أن السفارات سترصد نسبة الاقتراع في الجنوب، لتسليط الضوء على أي تدني في النسبة لتظهيرها في الإعلام على أنها تراجع بقوة الثنائي وخيار المقاومة بعد الحرب، لذلك نسب الإقراع أهم من النتائج.
*المطلوب خلال العملية الانتخابية التقيد بإجراءات الجيش والقوى الأمنية والحفاظ على الهدوء وتجنب الشعارات الطائفية والإشكالات وإطلاق النار خلال عملية الاقتراع أو بعد صدور النتائج.
الإستحقاق البلدي والإختياري فرصة لنجعله عرساً ديمقراطياً ووطنياً للجنوب ولكل لبنان، ونموذجاً راقياً وسلمياً ورسالة حضارية، بأنه على الرغم من الجراح التي أثخنت الجنوبيين بالقتل والتهجير والتدمير ونسف القرى ومقومات الحياة وحملات الاتهام والتهجم والتظلم التي تطال المقاومة وبيئتها فلا يزال هذا الجمهور يملك فائضاً ثقافياً وديموقراطياً ووطنياً في الحرص على الأمن والاستقرار والسلم الأهلي وبأن سلاح المقاومة موجه للعدو الإسرائيلي فقط، وأن سلاح المقاومة في الداخل هو الحوار وتمتين وشائج العلاقات الداخلية بين أبناء الوطن الواحد والشراكة مع كل الأطراف لإعادة بناء الدولة وصون الوطن وسيادته وحدوده وتحرير ما تبقى من الأرض وردع العدوان.