ضريبة بسام المولوي على الطاقة الشمسية

علي خيرالله شريف / شبكة جبل عامل الإعلامية

 

يُروى أن امرأةً بريطانية نزلت في يوم من الأيام إلى السوق في لندن، ففوجئت بارتفاع سعر السمك. فما كان منها إلا أن خرجت من المتجر غاضبة، وذهبت مباشرةً إلى البرلمان الذي كان منعقداً يومها، واخترقت الحرس وأصرت على الدخول إلى قاعة النواب حيث كانوا مجتمعين، وبدأت تنادي بأعلى صوتها على النائب الذي انتخبته. فأوقف رئيس مجلس العموم الجلسة وخرج لاستقبالها بكل احترام، وبعد أن استمع إلى مطلبها اصطحبها إلى المنبر لتقول ما تشاء أمام النواب.

 

فارتجلت كلمة مؤثرة توجهت فيها للنائب الذي انتخبته قائلةً؛ أنا لم أنتخبك لتسكت عن رفع سعر السمك وبريطانيا محاطة بالبحار والمحيطات وبالثروات السمكية.

باختصار، كانت نتيجة كلمتها أن النائب استقال، والبرلمان ألغى قرار رفع سعر السمك الذي اتخذته الحكومة. بل تم تثبيت سعر السمك في بريطانيا لغاية اليوم كأدنى سعر غذاء، وما زال حتى الآن سعره هو الأدنى في بريطانيا بين كل السلع ويسمى وجبة الفقراء.

 

أما في لبنان فقد سمعنا بالأمس أن وزير الداخلية والبلديات يعتزم اصدار قرار بفرض ضريبة على الواح الطاقة الشمسية. والقرار ينتظر امضاء رئيس الحكومة.

 

وكأننا لا يكفينا البؤس الذي نعيشه في الكهرباء والماء والغذاء والنفايات، والتحكم المافيوي لأصحاب الموتيرات، والارتفاع الجنوني للمحروقات، والارتفاع الخيالي للضرائب وخاصةً السيارات، ومآسي العدوان الصهيوني اليومي على جنوبنا وفلسطيننا، حتى تتفتق قريحة بسام المولوي ونجيب ميقاتي، مع حفظ الألقاب، عن إبداع جديد في تشليح المواطن لقمة عيشه.

فبدل أن تبحث الدولة بوزير داخليتها ووزير صناعتها ووزير بيئتها ورئيس حكومتها، وكل وزرائها، عن طريقة لحل مشكلة الكهرباء المفقودة، وعن طريقة لحل المشكلة المتوقعة للبطاريات المستخدمة للطاقة الشمسية، بعد سنة أو أكثر، عندما تنتهي مدتها ويحين تغييرها ويتم رميها في مكبات النفايات بعشرات الآلاف. ها هي الحكومة تبحث في كيفية عصر المواطن وقهره ودفعه نحو العوز والتسوُّل أكثر.

 

هل تعلم الحكومة ماذا سيحل بنا عندما تتكدس البطاريات في المكبات والمنازل؟ هل تعلم كمية السموم والإشعاعات التي ستنتشر في لبنان وجواره من تلك البطاريات؟

 

بدل أن تنشئ الحكومك مصانع إعادة تدوير تلك البطاريات، هي تبحث عن طريقة لفرض ضريبة مبتدعة على الطاقة الشمسية.

 

نتذكر عندما كان الوزير جبران باسيل وزيراً للطاقة، على ما أظن، أوعز إلى البنوك أن تقدم قروضاً ميسرة بدون فوائد للمواطنين ليتمكنوا من الإنارة عن طريق الطاقة الشمسية. أما حكومة تصريف حياة المواطن فتفعل العكس؛ المواطنون يستدينون لإنارة منازلهم، والحكومة تضغط عليهم ليستدينوا أكثر من أجل تلبة نزوات حكامهم، وتغطية فشلهم الإداري المركب.

هل يعلم وزير الداخلية ورئيس الحكومة أن المواطنين الذين ركبوا طاقة شمسية قد ركبوا ديوناً على ظهورهم لخمس سنوات قابلة للتجديد عند تجديد البطاريات؟

ما رأي الحكومة الغراء أن تفرض علينا ضريبة على الهواء الذي نتنفسه، مع أنه ملوث كسمعة الكثيرين في هذه الدولة الهوجاء؟

يبدو أن إرث المئة مليار دولار الذي ورثناه عن الرئيس المرحوم رفيق الحريري، يصر الرئيس ميقاتي ووزير داخليته أن يسحباه من أرواحنا، بل أن يزهقا أرواحنا لسداده.

 

نحن نسأل نوابنا، من كل الأجناس والفصائل والأسماء، هل تسمحون لنا أن ندخل إلى مجلس النواب لنسألكم إن كنا انتخبناكم لتسمحوا بخنقنا أكثر فأكثر؟

لقد صمتنا يوم فشلتم في فرض الحلول لآلاف المصائب التي تعصف بنا، ولكن هل تصمتون أنتم ووزراء حكومتكم يدوسون على لقمة عيشنا؟

 

ونسأل الشعب اللبناني؛ هل سيدفع لوزير الداخلية هذه الضريبة أم سيقابل الجباة الذين سيرسلهم إليكم بالبيض والبندورة وسيخرج إلى الساحات غاضباً ثائراً كما فعل يوم رفع أحد الوزراء بضع سنتات على الوتس آب؟