كتب سماحة الشيخ علي ابراهيم بلوط:
“علي عليه السلام القائد و رائد دولة الإنسان”..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و على آله الطيبين الطاهرين.
لا بد للفرد منا أن يتفكر في مورد آية الولاية و لماذا جعل الله التصدق بالخاتم حال الركوع ظرفاً للدلالة على الولي ، ألم يكن من الممكن أن يشار للولي بمواقف أخرى قتالية ، قضائية ، حكمية…..
بلى من الممكن ذلك و لكن لن يكون في ذلك إظهار لصورة الإنسان الأعظم بعد رسول الله المتجسدة بعلي صلوات الله عليه و الذي كان يعرف بعدم إلتفاته لأي أمر دنيوي حال خشوعه في صلاته بين يدي خالقه و لكنه يلتفت في ذلك الموقف الإنساني العظيم لا لأمر دنيوي بل لأمر أخروي متعلّقه الصدقة التي تقع في يد الله ،ليتصدّق بما يملك و هو ذلك الخاتم.
ذكر الرازي في تفسيره عن أبي ذر الغفاري «رضي الله تعالى عنه» أنه قال: رأيتُ بهاتين وإلا عميتا وسمعت بهاتين وإلا صمتا رسولَ الله وهو يقول: ”علي قائد البررة، علي قاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، وذلك إن سائلاً أتى مسجد رسول الله فلم يكن عند الرسول ما يعطيه، فأومأ إليه علي بخنصره وهو راكع، فاشترى السائل بثمنه طعامًا له، فلما سمع رسول الله بذلك رفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إن أخي موسى سألك ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ فأنزلت عليه: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا﴾، وأنا أسألك يا ربي: اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيرًا من أهلي، عليًا اشدد به أزري، وأشركه في أمري“، فنزل عليه: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.
و قد تجلّت الصفات القيادية الأعظم في شخصية أمير المؤمنين صلوات الله عليه فكان مصداقها الأبرز بلا منازع ..
و القيادة كما عرفها علماء الإجتماع هي القدرة على التأثير في الآخرين … و لذلك قد تجد مديرا مخططا و لكنه ليس بقائد، فالقيادة البشرية الإعتبارية ليست بالأمر اليسير ، فما بالك بالقيادة الإلهية الحقيقية .
و لذلك أودّ أن أشير على عجالة للمفاهيم التي أكّد عليها أمير المؤمنين صلوات الله عليه على مستوى قيادته للأمة .
١- العلم و العمل به إذ أن الأمة بطبيعتها تلجأ إلى العالم و تركن إليه و إذا رأته عاملا بما علم عظمته و اتبعته . و هذا ما أكدته الآية القرآنية في وصفها للإمام علي ع (و من عنده علم الكتاب ) فيقول السيوطي في درره أنها نزلت في علي ع ، فكان مجسدا للقرآن قولا و عملا و علما.
٢-جعل القيادة وسيلة و ليس غاية
بمعنى أنه قيادة لإقامة القسط و الدعوة إلى الله ففي الرواية : جاء جمع إلى الإمام أمير المؤمنين وقالوا له: يا أبا الحسن، لو أغدقتَ على الأشراف من قريش هذه الأموال، وقرّبتهم إليك، وفضّلتهم على الموالي، لأمنت فرارهم وخلافهم، فأجابهم: ”ويحكم! أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور؟!“ أي: هل الغاية تبرر الوسيلة؟! ثم قال: ”والله لو كان المال لي لساويت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم؟! لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت“.
٣-محاسبة الولاة و من كان منصبا من قبله:
فنراه يستنكر على أحد ولاته و قد ورده أنه يدعى إلى موائد الأغنياء حيث يجفى و يترك الفقراء فيكتب لواليه على البصرة: يا بن حنيف، لقد بلغني أن رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننتُ أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو – أي أن الفقير مُبْعَد والغني مقدّم – فانظر إلى ما تقضمي من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما تيقنتَ بطيب وجهه فنل منه ”.
ما أحوجنا لنهج القيادة السليم المتجسد في وليد الكعبة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب صلوات الله عليه.