كتب الاستاذ علي خيرالله شريف:
يعيش الكيان الصهيوني والغرب حالة من الهستيريا لم يسبق لها مثيل، تتصف بازدياد منسوب الإجرام عنده وشهوة القتل والانتقام، بسبب ملحمة طوفان الأقصى التي بدأت في 7 تشرين الأول 2023 في غزة، ليس بسبب قساوة الضربة التي تلقوها فحسب، بل أيضاً لأن العدو يعيش حالةً من الضعف الـمُتَنامي والوهن المتراكم، فلم يَعُد لديه القدرة على مواجهة الم_قا_ومين إلا من داخل الدبابات والطائرات ومن خلف جُدُر الحديد، وبمؤازرة صانعيه وداعميه. بالإضافة إلى اختبائه خلف تلك التحصينات المتحركة والطائرة والثابتة، هو لا يستطيع العثور على المقاومين الذين يصطادون جنوده وآلياته بكل سهولة، ثم يختفون كالأشباح.
هذا الوحش القَذِر، الذي تَقطُرُ أنيابُهُ دماً، يضربُ يُمنَةً ويُسرة، بكل ما آتاه الغرب من وسائل القتل والتدمير والتخريب. ينتقمُ من الأطفال والنساء والمدنيين، لأنه يقفُ عاجزاً أمام المقاتلين، فيرتكبُ المجازر بالأطفال والمدنيين، ويُدَمِّرُ كُلَّ شيء دون أن تردعه قوانين ولا قِيَم ولا شرائع. لقد قرر هذا العدو أن يحرق كُلَّ شيء لدى الفلسطينيين، مدعوماً بالقِيَمُ الغربية الساقطة، ومستعيناً بالجحافلُ والأساطيل الـمُستَنفِرة بكل إمكانياتها لكي تمحو فلسطين من الوجود.
يتحدَّثون اليوم عن هدنة لثلاثة أيام، يُسَمُّونها إنسانية، لِذَرِّ الرمادِ في العيون. وهي إن حصلت، لن تكون هدنة حقيقية، ولن تكون إنسانية، كل ما في الأمر أنها هدنة من اختراع أميركا و”المجتمع الدولي” المزيف، لمحاولة تحرير أسراهم. ولكي يخدعوا الرأي العام العالمي، يسبغون عليها صفة الإنسانية كما درجت عادتُهُم. وإن حصلوا على ما يريدون من تحرير الأسرى، يُسقِطون الهدنة، لأن هناك مهمة يسعون إلى تنفيذها بكل ما يستطيعون من قوة وتجسس واستخبارات وتقصي حقائق وتجميع أسماء وعناوين وتصوير مواقع وتسليط أقمار صناعية، وهي تجديد نكبة فلسطين وإبادة شعبها ومقاومتها.
إذا تم تمديد الهدنة بضغطٍ من بعض الجهات والدول، فإن ذلك سيكون من أجل امتصاص نقمة شعوب العالم. ولن يمنعهم التمديد من اعتماد أسلوب الاغتيالات لقيادات الم_قا_ومة.
هدفهم الأساس هو تصفية الم_قا_ومة وتفريغ غزة من سكانها بالقتل أو بالتهجير، أو بالاثنين معاً، ثم ضمها إلى الأراضي المحتلة الأخرى. والتهجير يريدونه إلى سيناء بعد شرائها من مصر عبر البنك الدولي مقابل تصفير ديونها له. وإن لم يستطيعوا تحقيق ذلك فسيسعون إلى متابعة المجازر لأقصى الحدود. وقد أعلنوا ذلك صراحةً عبر مسؤوليهم الذين طلب أحدُهُم، وزير التراث عميحاي بن إلياهو، استعمال قنبلة النووية لإبادة غزة.
وإن نجحوا في غزة سينتقلون إلى الضفة الغربية، ومن ثم إلى عرب الداخل، ثم إلى كل أطراف محور الم_قا_ومة دون استثناء. وعندها سنكرر مقولة “إنما أُكِلتُ يوم أُكِلَ صديقي الثور الأبيض”.
تتم عملية التطهير العرقي في فلسطين بموافقة وتشجيع من الدول الغربية، وتنخرط فيها دُوَلٌ عربية كثيرة، منها ما هو ظاهر ومنها ما هو مستتر. وهي عملية ضرورية لكي يستكملوا صفقة القرن المعروفة.
ولتسهيل تحقيق ذلك، يقوم زعماء الغرب ووزراؤهم ومبعوثوهم، بجولات مكوكية، وينشط إبليس الخارجية، أنطوني بلينكن، فيعقد لقاءاته الخماسية والسداسية والثنائية، ويتأبط هويته اليهودية وأُبُوَّتَه لإرهابيي الكيان الغاصب، ثم يعقد قمة عربية طارئة بعد ٣٥ يوماً على المجازر، ليس لإنقاذ الفلسطينيين، بل لمحاولة قهر صبرهم الثابت رغم سقوط أكثر من عشرة آلاف شهيد منهم، وبرغم مسح بيوتهم ومؤسساتهم ومستشفياتهم وكل مقومات عيشهم بالتراب. قمة تُعقد للبحث عن الوسيلة الأنجع لإخضاعهم وإبادتهم.
أما ما يتعلق بما نسمعه من شجب لأعمال القتل والمجازر، ومن تمنٍّ وقلق يَصدُر عن بعض الجهات الدولية، فإنه لا يُسمِنُ ولا يغني من جوع. ولا يعدو كونه من ضرورات الديمقراطية الغربية المزيفة ومن عدتها وديكورها، حيث أن أكثر هؤلاء الشاجبين والقلقين ينتمون إلى نفس مدارس الغرب النفاقية، ويتبَنُّونَ سياساته ومؤامرته.
هذه هي مؤامراتهم، وهذا هو سعيهم. ولكن يمكرون ويمكر الله، والله خيرُ الماكرين. إن لدى محور ال_مقا_ومة ما سيُغَيِّرُ مخططاتِهم وسيزيد في جنونهم الهستيري الذي يصيبهم قبل الزوال المُحَتَّم لاحتلالهم ولدولتهم اللقيطة، وسيحقق الله وعده في ذلك. وإن غداً لناظِرِهِ قريب.
*الخميس 9 تشرين الثاني 2023*