| خضر رسلان | كاتب وإعلامي لبناني
في مشهد استعراضي أميركي–صهيوني، ظهر دونالد ترامب إلى جانب نتنياهو ليعلنا اتفاقاً قدّماه بلبوس «السلام»، بينما هو في جوهره وثيقة استسلام تهدف إلى تفريغ المقاومة من مضمونها وإضفاء شرعية على إبادة الشعب الفلسطيني.
تفاصيل البنود تفضح حقيقتها: تسليم سلاح المقاومة وتفكيك بنيتها، إطلاق سراح الأسرى الصهاينة أحياءً وأمواتاً، إخراج المقاتلين من غزة، إدارة ثلاثية للقطاع برئاسة ترامب وعضوية قطر والكيان، نشر قوة أمنية عربية ودولية، إعادة السكان «لمن يشاء العودة»، وفتح باب الهجرة. الأخطر أن الاتفاق يمنح حماس ٧٢ ساعة للقبول، وإلا أُعطي نتنياهو تفويض مطلق بالقتل والتدمير والتهجير.
بهذا يصبح جلياً أن من بصم على الصفقة، وافق ضمناً على سياسة الإفلات من العقاب وتغطية جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. فالاتفاق ليس سوى رخصة مفتوحة للعدو ليستكمل مجازره تحت شعار «السلام» و«الواقعية السياسية».
لكن السؤال الأشد وقعاً: أين ذهب صوت ٥٩ دولة حضرت القمم العربية والإسلامية؟ وأين تلاشى الاعتراف الأممي بفلسطين دولة كاملة العضوية؟ كيف انقلب الملوك والرؤساء على كلمة «فلسطين»، وسمحوا لترامب أن يدفن حلمها قبل أن يصل حتى إلى مجلس الأمن؟
لماذا لاذت بالصمت عواصم ذكرها ترامب بالاسم؟ وكيف قبلت قطر «اعتذار» نتنياهو بلا أي موقف علني؟ وهل يُراد لحركة حماس وفصائل المقاومة أن تنخرط قسراً في شروطٍ تعني عملياً محو وجودها ودورها؟
الحقيقة أن ما أُعلن لم يهبط فجأة، بل هو ثمرة مسار طويل من الضغوط والتطبيع والتواطؤ، هدفه تحويل القضية إلى ملف إداري يُدار بين الأميركي والصهيوني وبعض الوسطاء، فيما يُترك الشعب الفلسطيني أعزل يواجه آلة القتل وحده.
اليوم لا مجال لمزيد من البيانات الجوفاء. المطلوب موقف صريح وقاطع، فالتاريخ لن يرحم من باع القضية أو شرعن إبادة شعبٍ كامل. مصير فلسطين لا يُكتب في مؤتمرات مغلقة، بل بإرادة شعبها المقاوم وحده.
إنها «إدارة للتوحش» متنكرة بثوب السلام، تكشف الوجه الحقيقي للمؤامرة… وتفضح بائعي القضية.