تجمع علماء جبل عامل: نرفض بشكل قاطع أيّ حديث أو محاولة للمساس بثكنة الشهيد فرحات أو أي وجود للجيش في الجنوب ونتبنى المواقف الواردة في الكتاب المفتوح لحزب الله.
أمام خطورة الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة على بلدات الجنوب وأهله، وما رافقها من رفع وتيرة الاستهداف المباشر للمدنيين والممتلكات والبنى التحتيّة، يتبيّن مجدداً أنّ العدوّ يتصرّف وفق منطق الحرب المستمرّة، غير آبهٍ بكل ما تقوم به الحكومة وبعض القوى السياسية من محاولات التهدئة أو استجداء مسارات التفاوض التي أثبتت عقماً كاملاً في مواجهة الاحتلال.
لقد دعا فخامة رئيس الجمهورية، وبوضوح لا لبس فيه، إلى تكليف الجيش اللبناني بالردّ على الاعتداءات، وهو موقفٌ وطنيّ منسجم مع مقتضيات السيادة والدفاع عن البلد. غير أنّنا لاحظنا بقلقٍ شديد محاولات التحايل على هذا الموقف، عبر تظهير موقف قائد الجيش وكأنه لم يقدّم طلباً صريحاً أو أنّ لطلبه «مواصفات» و«آليات» إجرائية غير متوفّرة. هذا الخطاب لا يُقرأ إلا بوصفه تخصيباً سياسياً لكلمات قائد الجيش واستخدامها كغطاء للتراجع عن قرار المواجهة، فيما الحقيقة أنّ قائد الجيش قد أوضح بجلاء حدود المسؤوليّة العسكريّة ضمن الصلاحيات الممنوحة له، وترك لمجلس الوزراء القرار السياسي الواجب اتخاذه.
إنّ إصرار بعض أعضاء مجلس الوزراء على التمسّك بمسار تفاوضي فاشل، في لحظة ينزف فيها الجنوب أرضاً وبيوتاً وأرزاقاً وشهداء، لا يمكن فهمه إلا كتخلٍّ عن الحدّ الأدنى من واجب الدولة في حماية مواطنيها. وقد بلغ هذا النهج حدَّ المطالبة بإنهاء وجود الجيش في ثكنة الشهيد فرحات، وهو تجاوزٌ خطير لمفهوم السيادة، ومحاولة لتجريد الجنوب من آخر مظلته المؤسسية الرسمية، بما يخدم العدو مباشرة.
وعليه، فإننا:
1. نحيّي صمود أهل الجنوب وثباتهم، واعتبارهم خطّ الدفاع الأول عن لبنان كلّه.
2. نشدّد على وجوب الالتزام بدعوة رئيس الجمهورية لتكليف الجيش بالردّ، وعدم الانخداع بمحاولات التعطيل أو التأجيل.
3. نرفض بشكل قاطع أيّ حديث أو محاولة للمساس بثكنة الشهيد فرحات أو أي وجود للجيش في الجنوب، ونعدّ ذلك تفريطاً صريحاً بالسيادة.
4. نتبنّى المواقف الواردة في الكتاب المفتوح الذي وجّهه حزب الله إلى الرؤساء الثلاثة، بوصفه موقفاً وطنياً صادقاً يستند إلى معادلة الميدان والكرامة.
5. ندعو الحكومة بكامل أعضائها إلى تحمّل مسؤولياتها الدستورية والتوقف عن التواري خلف لغة «الإجراءات» و«الآليات» و«الشروط الفنية»، فالميدان وحده يفرض اللغة الحقيقية: لغة الدفاع عن الأرض.
إنّ الجنوب لا يطلب سوى حقٍّ هو أبسط الحقوق: أن يحمي نفسه ووطنه. ومن يقف اليوم في وجه هذا الحق، إنما يقف في صفٍّ واضحٍ أمام التاريخ.
الرحمة للشهداء، الشفاء للجرحى، والحياة الكريمة لأهل الأرض الثابتين.
جبل عامل ، 07 تشرين الثاني، 2025