صرح الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد إلياس فرحات، أن مواقف الشيخ نعيم قاسم وصلت لترامب ونتنياهو، وعلى الولايات المتحدة، إن كانت تنوي تنفيذ القرارات الدولية، أن تضغط على إسرائيل وترغمها، وهي قادرة، في لبنان وفي غزة أيضًا.
وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: حرب اعلامية نفسية مع ضغط من الاخبار الملفقة وتهويلات واعتداءات صهيونية متكررة وشبه يومية على جنوب لبنان، وهذا الامر مستمر منذ وقف اطلاق النار مع التزام لبنان والمقاومة ببنود الاتفاق وتفلت العدو كما العادة من التزاماته، وفي خضم كل هذا، اتى خطاب الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، في لحظات حساسة ومصيرية وضعت النقاط على الحروف بكل سلاسة وسهولة قائلا “اركبوا أقصى خيلكم. ونحن لن نتراجع ولن نستسلم وسندافع عن أرضنا”، حول كل هذه التطورات وابعاد خطاب الامين العام، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حواراً صحفياً مع الخبير العسكري والاستراتيجي العميد إلياس فرحات، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
في الذكرى السنوية الثانية لرحيل القيادي الجهاد الكبير الحاج محمد ياغي “أبو سليم”، تحدث الأمين العام لحزب الله في توقيت حساس قبل يوم من اجتماع ترامب ونتنياهو. كيف تنظرون إلى هذا التوقيت؟
كان سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم واضحًا وشفافًا في كلمته في ذكرى القيادي محمد حسن ياغي. قالها بصراحة: لقد قدم لبنان والمقاومة إجراءات نزع السلاح الواردة في القرار ١٧٠١ وإعلان وقف الأعمال العدائية في منطقة جنوب الليطاني، لكن العدو لم ينفذ المطلوب منه بموجب هذه القرارات، فلم يوقف اعتداءاته، ولم ينسحب من النقاط التي احتلها، ولم يفرج عن الأسرى، وهو لا يسمح بإعادة الإعمار. أعلن الشيخ قاسم آخر الكلام: قدمنا ما عندنا، وعلى العدو أن يفي بالتزامات القرارات الدولية، والمقاومة لن تبحث في أي إجراء آخر قبل تنفيذ العدو للقرارات الدولية. بالطبع، لبنان سيكون طبقًا على مائدة المحادثات بين ترامب ونتنياهو، وبالطبع وصلت مواقف الشيخ قاسم إلى تلك المائدة، وعلى الولايات المتحدة، إن كانت تنوي تنفيذ القرارات الدولية، أن تضغط على إسرائيل وترغمها، وهي قادرة، في لبنان وفي غزة أيضًا.
قالها الأمين العام وبالفم الملآن “لا تطلبوا منا شيئًا بعد الآن”، بعد أن التزمت المقاومة ولبنان باتفاق وقف إطلاق النار ولم يلتزم العدو، فيما كنا سمعنا قبل فترة رئيس الحكومة يتحدث عن الجهوزية للانطلاق إلى المرحلة الثانية من تنفيذ الاتفاق، كيف تعلقون على هذا الأمر؟
يبدو أن الرئيس نواف سلام، في حديثه إلى جريدة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، تحدث عن قرب انتهاء ما أسماه المرحلة الأولى، أي جنوب الليطاني، ثم أضاف أن الحكومة ستبدأ المرحلة الثانية من الليطاني إلى نهر الأولي شمالي صيدا، ثم مرحلة ثالثة في بيروت والضاحية، والرابعة في البقاع والجبل. إن ما أورده الرئيس سلام غير مذكور في القرار ١٧٠١ ولا في إعلان وقف الأعمال العدائية، ولم تنص هذه الوثائق على منطقة جغرافية سوى جنوب الليطاني. ثم إن ما أورده الرئيس سلام لم يصدر عن مجلس الوزراء، لذلك نكرر أن الشيخ قاسم كان واضحًا: لا تطلبوا شيئًا منا بعد الآن.
الضغط الإعلامي للقوى المتصهينة في لبنان كبير جدًا ومتواصل على المقاومة وبيئتها الشعبية، في وقت تلتزم المقاومة استراتيجية الصبر والمواجهة السياسية. إلى متى ستستمر هذه السياسة؟ وما تقديركم بفعاليتها في إحباط المشروع الأميركي الصهيوني في لبنان؟
ما تسميه ضغطًا إعلاميًا هو ليس ضغطًا، بل تكثيف الأخبار المختلقة وخطابات التحريض في وسائل الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى لسان بعض السياسيين والباحثين عن دور والزبائنيين الذين يبغون كسب رهان على تغيير الأوضاع. بصراحة، لبنان كان دائمًا على هذا النحو، لكن هناك تكثيف كبير للتحريض واستغلال كل حدث ومناسبة للتعرض للمقاومة. يمكننا القول إن كثرة التحريض تخفف من مصداقيته وهيبته، وهذا ما يحصل حاليًا. المشروع الصهيوني إلى فشل مهما بلغت التضحيات. الولايات المتحدة متعثرة في غزة وفي لبنان وفي الضفة وفي إيران وفي اليمن، ولم تحقق هي وإسرائيل ما تعدانه نصرًا. أسرى حماس عادوا بالتبادل، وحماس بقيت، وحزب الله في لبنان باقٍ، والجمهورية الإسلامية تعافت من الحرب الأخيرة، واليمن ما زال على جهوزيته. الوقت ليس في صالح إسرائيل ولا الولايات المتحدة، ولذلك نلاحظ التسرع والعصبية في التصريحات والمواقف.
لماذا يصر اليمين اللبناني المتصهين على إجراء تعديلات على قانون الانتخابات النيابية المقبلة؟ وهل هو فعلًا يراهن على تغيير التوازنات الداخلية من خلال صناديق الاقتراع، أم إنها لعبة لتأجيل الانتخابات بانتظار تطورات تضعف المقاومة وفريقها الوطني؟
فشلت لعبة تعديل قانون الانتخابات من أجل السماح للمغتربين بالتصويت من بلاد الاغتراب في الدوائر الانتخابية المسجلين فيها. اعتبرت القوات اللبنانية، ومعها فريق مثل الكتائب وغيرها، أن تعديل القانون من شأنه أن يمنحهم فرصًا للفوز بمزيد من المقاعد النيابية. إذا أخذنا بعين الاعتبار أن حرية الاقتراع غير متوافرة في العديد من دول الخارج التي تناصب فئة من اللبنانيين العداء وتفرض قيودًا على الاقتراع لهذه الفئة، والمقصود بها حركة أمل وحزب الله، لذلك كان الرئيس نبيه بري حاسمًا برفض تعديل القانون وإجراء الانتخابات حسب القانون الساري المفعول. تعرض الرئيس بري لحملات وضغوط، لكنه لم يتراجع عن موقفه، ومع انقضاء المهل يمكننا القول إن الانتخابات ستجري في موعدها على أساس القانون الساري المفعول. المراهنة على تطورات خارجية لا تخدم أحدًا، إذ لا يمكن الرهان على تطور يظن المراهن أنه قد يأتي لمصلحته، لكنه قد يأتي عكس التمنيات. لذلك لا معنى لأي رهان على تطورات خارجية، والأفضل أن يجري هذا الاستحقاق الدستوري في موعده.