كتبت صحيفة الديار تقول: بينما وُضعت معالجة تداعيات حادثة الروشة في عهدة الاجهزة الامنية والقضائية بعد الاجتماع الوزاري الموسّع في السراي، أرخت ذكرى استشهاد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بظلالها على الساحة المحلية، حيث اتجهت الانظار الى الاحتفال الذي اقامه حزب الله في المناسبة، في الضاحية الجنوبية، والى الكلمة التي القاها الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وما تضمنته من مواقف كان أبرزها إعلانه ان المقاومة تعافت «جهادياً».
كل ذلك، في وقت وصل الى بيروت للمشاركة في ذكرى نصرالله وخلفه السيد هاشم صفي الدين، أمينُ المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني علي لاريجاني، حيث أشاد، قبيل ساعات من دخول العقوبات الأممية على ايران حيز التنفيذ مجددا، بمبادرة حزب الله تجاه السعودية، مؤكدا ان «الحزب لا يحتاج الى مساعدة من احد».
رحيل السيد
لا يُستشهد القادة بل يُخلّدون في الذاكرة، والسيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله السابق، هو نبراس المقاومة وصوت الحقّ الذي لم يخضع. وبعيدًا عن السياسية، رسّخ السيد نصر الله صورة «القائد الرمز»، حيث جسّد خطابُه أيقونةً شعبيةً في عيون أنصاره، وخصمًا لا يُمكن تجاوزه في نظر خصومه. وبدل أن يُنهي اغتياله هذه الصورة، حوّلها إلى حالة وجدانية حيّة، تتجدّد مع كل استحضار لخطاباته ورمزيته الحاضرة في كل مناسبة وطنية.
في ذكرى استشهاده، تستذكر جريدة الديار وقوفه الشامخ في وجه الغطرسة، وقيادته الحكيمة التي وحّدت الشعب خلف سلاح المقاومة. دمه الطاهر سقى تراب لبنان حريّة وعِزّة، وصوته ما زال يصدح: «لن نركع».
وفي هذه المناسبة الحزينة، أصدر رئيس مجلس النواب نبيه بري بيانًا رثى فيه السيد حسن نصر الله بكلامٍ مؤثّر جدًا. ومما قاله الرئيس برّي: «في يوم رحيلك أنت كما أنت… كما كل الشهداء، ضمائر حية توقظون أرواحنا من جديد… لنصحو أكثر وحدة وأملاً… وعشقاً أكبر للأرض وللوطن والهوية للإنسان وللبنان… للحق والحرية ولفلسطين، اليس السيد المسيح (عليه السلام) مشى درب الجلجلة من هناك فكانت قيامته قيامة للأمل والرجاء؟». وأضاف، «أيها الكربلائي الذي إستنهض من دم الحسين وصبر زينب (عليهما السلام) اليقين كل اليقين… نعم أيها الأسمى في الحياة والشهادة… والأصدق في القول، والأوضح في الموقف، والأنبل في التضحية والوفاء، لقد فزت بالحسنيين النصر والشهادة، وأسقطت بشهادتك الأقنعة عن الوجوه وقد «رُفعت الأقلام وجفت الصحف». وختم بالقول «سلام عليكم حيث أنتم، نشهد أنكم قد اديتم الامانة، وجاهدتم في الله حق الجهاد حتى أتاكم اليقين من ربكم شهادة ولا أسمى أحياء عند الله ترزقون، والى جوار الانبياء والاولياء وحسن أولئك رفيقا».
ولحظة إستشهاد السيد حسن نصر الله أي في الساعة السادسة وواحد وعشرين دقيقة مساءً، تمّ إضاءة الشموع ورُفعت صور السيد نصر الله في الضاحية وعدد من المناطق، في مشهد رمزي يراد له إعادة التذكير بالحدث الذي غيّر مسار المعادلة الداخلية والإقليمية.
عون – سلام:
صراع مراكز القوة
هذا وبالعودة الى الأزمة التي اندلعت بعد فعالية اضاءة صخرة الروشه والصراع الذي نشب بين رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الجمهورية بالوكالة عبر وزير الدفاع. والردّ الرئاسي على رئيس الوزراء نواف سلام جاء من خلال مكتب وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى الذي أصدر بيانًا جاء فيه: «إن المهمة الوطنية الاساسية التي يضطلع بها الجيش اللبناني دائما هي درء الفتنة ومنع انزلاق الوضع الى مهاوي التصادم وردع المتطاولين على السلم الاهلي وترسيخ دعائم الوحدة الوطنية. لقد بذل الجيش اللبناني الدماء والارواح والاصابات والاعاقات في سبيل الارض والعلم والكرامة وشرف الانتماء لهذا الوطن ولم ينتظر شكوراً ولا زهوراً من أحد، لكن كرامة عسكرييه وضباطه الفخورين الجسورين الميامين تأبى نكران الجميل وتأنف التحامل الظالم وتأسف لالقاء تبعات الشارع على حماة الشرعية والتلطي وراء تبريرات صغيرة للتنصل من المسؤوليات الكبيرة. إن للجيش اللبناني وطناً يصونه ورئيساً يرعاه وقائداً يسهر عليه وشعباً يحبه ويرى فيه الامل الباقي بعد الله ولبنان».
على كل الأحوال، تُشير المعلومات إلى أن هذا الخلاف تمّ إستيعابه من خلال وساطة عملت على تقريب وجهات نظر الفريقين مع التركيز على عدم ترك المجال لتفاعل الاحداث سلبياً.
كلمة قاسم
فقد أشار الأمين العام لـ»حزب الله» الشّيخ نعيم قاسم، في كلمته خلال الحفل المركزي الّذي اقامه الحزب، إحياءً للذّكرى السّنويّة الأولى لاغتيال الأمينَين العامَّين السّابقَين لـ»حزب الله» السيّدَين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين ورفاقهما، إلى أنّ «رحيل السيّد نصرالله مفجع، لكنّ نوره ساطع. غادر الدّنيا مكانًا فأشرق عليها عليائه، وكان القائد فأصبح ملهمًا للقادة».
وقال قاسم بأنّه «بعد الاتفاق إلى الآن، مرّت عشرة أشهر، كنّا خلالها في حالة تسابق: العدو يسير مع من يؤيّده بسرعة من أجل تحقيق هدفه مجدّدًا، والمقاومة وشعبها وجيشها والّذين يؤيّدونها يسيرون أيضًا بسرعة معيّنة، من أجل أن تمنع إسرائيل من تحقيق هدفها، ومن أجل أن ترمّم وضعها».
وركّز على أنّهم «ساروا في هذا الاتجاه: ضغط عسكري، ضغط سياسي، ضغط اجتماعي، وبكلّ الوسائل، حتى تحريك أدوات الدّاخل في لبنان، من أجل أن يهزموا هذه المقاومة الّتي استطاعت أن تقف على رجليها».
ورأى قاسم أنّ «حزب الله عَلَمٌ في بناء الدّولة، وحضور قوي وواثق. لدينا حضور اجتماعي مهم في مساعدة النّاس على المستوى الصّحي والتربوي والاجتماعي ومعالجة الفقر، وكلّ هذا يبرز حالة تماسك عظيم مع النّاس. كما حصل لدينا التعافي الجهادي. نحن نتقدّم، ونُرمّم، وحاضرون لأيّ دفاع في مواجهة العدو الإسرائيلي».
ودعا الحكومة إلى أن «تقوم بواجبها، بدل أن تتلهى بأمور جانبيّة قشريّة لا قيمة لها. فلتقم الحكومة بواجبها، وخاصّة بإعادة الإعمار، وأن تضع في الموازنة موازنةً للإعمار، مهما كانت قليلة ومهما كانت بسيطة. يجب أن تفتح الباب وأن تنطلق، وبعدها من خلال التبرّعات ومن خلال الدّول ومن خلال وسائل مختلفة نستطيع أن نحقّق الإعمار».
جولة لاريجاني
وقبيل الذكرى التي شارك فيها رئيسُ الحكومة نواف سلام ممثلا بوزير العمل محمد حيدر، حط لاريجاني في بيروت وجال على عين التينة والسراي. وقال بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري ردا على سؤال: أشيد بمبادرة الشيخ نعيم قاسم وادعمها، السعودية دولة شقيقة لنا وهناك مشاورات بيننا وبينها ومثلما قلت اليوم هو يوم التعاون، إذ نحن بمواجهة عدو واحد لذلك فإن موقف قاسم موقف صائب تماماً، أعتقد أن هذه الخطوة هي خطوة في الإتجاه الصحيح لدعم واراحة الشعب اللبناني، حزب الله حركة أصيلة في لبنان والعالم الإسلامي وما يهمه هو رفاهية الشعب اللبناني،وهو يمثل سداً منيعاً أمام الكيان الإسرائيلي، ويضحي بنفسه من أجل راحة الناس، لذلك فإن أي تطور سياسي يأتي في سياق دعم الشعب اللبناني ورفاهيته وتقدمه فنحن نرحب به.
ورداً على سؤال حول الدور الذي يمكن أن تلعبه ايران في تقريب وجهات النظر بين السعودية و»حزب الله» وعما قاله الموفد الاميركي توم باراك عن تدفق الأموال للحزب، أجاب لاريجاني «أعتقد أن هذا الموقف صدر عن السيد توم باراك بسبب الغضب ربما ولا تنسوا أنه غضب في لبنان مرة سابقاً، لكن في ما يتعلق بالتقارب بين حزب الله والسعودية إننا نعتبر ان كان هناك تعاون وتقارب بين الجانبين فهذا موقف صحيح، وذلك بسبب وجود عدو مشترك، فضلاً عن ذلك فإن السعودية دولة مسلمة وحزب الله هو حركة اسلامية اصيلة، ولذلك يجب أن لا تكون هناك خلافات بين الجانبين تصل الى مرحلة فجوة أو الشرخ بين الطرفين».
بعدها توجه لاريجاني الى السراي حيث التقى والوفد المرافق، الرئيسَ سلام. وقد جرى استعراض آخر المستجدات في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، حيث شدّد سلام على أنّ استقامة العلاقات اللبنانية – الإيرانية ينبغي أن تقوم على أسس الاحترام المتبادل لسيادة كل من الطرفين وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.