إنجازات حكومة تصريف الأعمال الميقاتية

 

بقلم علي خيرالله شريف

 

لو حاولنا كتابة تقرير عن إنجازات حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فماذا يمكن لنا أن نُقَدِّمَ للمواطن من معلومات عن تلك الإنجازات؟

لا يمكن لأحد أن يقول لنا أنها حكومة تصريف أعمال وحسب، بل هي حكومة فوق العادة، تجاوزت كل الصلاحيات التي يمنحها الدستور لحكومة تصريف الأعمال، وهي الحكومة المدللة لدى الكثيرين، وأعطيت ما لم يُعطَ أحدٌ غيرها حتى الحكومات الأصيلة، وحتى الأكثر إخلاصاً منها للبلد بمئات الأشواط والدلائل. إنها تقوم مقام الحكومة ورئيس الجمهورية وتختصر كل السلطات لدرجة أن مجلس النواب بات طوع أمرها، وإن اللبيب من الإشارة يفهم. وبالطبع لا نبخس بعض وزرائها أشياءهم ولا ننكر إخلاصهم وكفاءتهم.

 

من جهة ثانية، لا يمكن لأحد أن يحتجَّ علينا بالقول أن الوقت غير مناسب لهذا الحديث في ظل ما تتعرض له فلسطين من حرب إبادة، وما يتعرض له جنوب لبنان بسبب واجب وقوفه إلى جانب فلسطين. بل قد يصح القول أن حكومة تصريف أعمالنا هذه تستغل فرصة انشغال الناس بمجازر غزة، وتُعمِلُ باللبنانيين مجازر من نوعٍ آخر. ثم يطلع علينا رئيسها السيد نجيب ميقاتي، بين الفينة والفينة باللازمة التي حفظناها عنه أننا “أصحينا على شفير الهاوية”، وهو من شدة حرصه على الهاوية يدفعنا لنَستَعجِلَ السقوط فيها.

 

ماذا نسمي حكومةً طمست الكلام نهائياً عن كل عمليات النهب التي تعد بالعشرات، وتخلت عن الأملاك العامة والبحرية الكفيلة بانتشال البلد من كل أزماته، وبالمقابل تبدع بأساليب فرض الضرائب على الناس. مع العلم أن أغلب الناس يحتارون في إيجاد لقمة عيشهم.

 

طبعاً نحن نعرف أن المواطن لا يطالب الحكومة بأي جردة حساب للأسف، لأنه لا يجيد المحاسبة، ولا تعمل له الحكومة أي حساب. ولو كانت الحكومة الحالية، كما أكثر سابقاتها، تقيم للمواطن، وزناً لما حرمته من التيار الكهربائي ومن أهم مقومات الحياة. إنما على سبيل المثال لا الحصر، نحاول التذكير ببعض ما نعاني منه في هذا البلد الذي يجمع التناقضات والغرائب والعجائب:

 

– مَيَّعت حكومة تصريف الأعمال الميقاتية التدقيق الجنائي، وطمست كل حديث عن تهريب الأموال ونهبها وعن الفساد المالي والإداري، وضيَّعت أموال المودعين وساعدت على نجاة سارقيها. وساعدها في ذلك مجلس النواب، وسكتت عنه الكتل النيابية. ولم نعد نسمع أي كلام عن استرجاع الأملاك البحرية، واطمأن اللصوص الذين يستولون عليها وصارت ممالكهم المغصوبة في أمان. واختفى القضاء نهائياً.

 

– أنقذت الحكومة رياض سلامة بسحر ساحر، فاختفى في عهدها أي اتهامٍ له، وتبين لنا أن ما كنا نسمعه من تحقيقات سويسرية وفرنسية ومن ملاحقات قضائية لرياض ورجا سلامة وسكريتارتيهما وشركائهما، لم يكن سوى ذر للرماد في العيون وتقطيع للوقت وتخدير لكل من يطالب بمحاسبتهم.

 

– بَرَعَت حكومة ميقاتي في زيادة الضرائب على المواطنين بشكل فاحش، عشرات أضعاف ما كانت عليه، وبنفس الوقت خَدَّرَت المواطنين بزيادة رواتبهم ببضعة أضعاف لا تقارن بالزيادات الباهظة على الضرائب والأسعار. وسكت النواب عن تلك الضرائب من أولهم إلى آخرهم حتى النواب الذين طالما تنافسوا ببيانات مناصرة الشعب وخطابات حماية المواطنين.

 

– ضربت الحكومة الضمان الاجتماعي والصحي وتعويضات نهاية الخدمة، ورواتب المتقاعدين، وساعدت على انهيار القطاع الصحي والقطاع العام.

 

– ضربت القطاع التربوي، فأمعنت في إفقار المعلمين، وأضعفت المستوى التعليمي والتربوي وأنهكت التعليم الرسمي والجامعي.

 

– أهملت الحكومة الجيش والقوى الأمنية عندما أصيبوا بلقمة عيشهم وبكرامتهم، ثم سمحت للسفارات بالتسلل إليهم وربطهم بمئة دولار أحياناً وبمساعدات غذائية وعينية رخيصة أحياناً أخرى، وهذا شَكَّلَ خطراً كبيراً على الأمن الوطني والأمن القومي وعلى أمن المجتمع ووحدة البلاد.

 

– لم نعد نسمع في ظل الحكومة الميقاتية فوق العادة، عن استخراج الغاز والنفط والثروات، وبات بطل الساحات والمفاوضات عندنا الصهيوني عاموس هوكشتاين، وبات السفراء هم مرجعيات الخطط والتوقعات.

هذا غيضٌ من فيض إنجازات حكومة تصريف الأعمال الميقاتية التي تقود البلد نحو الهاوية. والأنكى من ذلك أن الجو العام في البلد بات يسير كما تشتهي تلك الحكومة. حتى وسائل الإعلام نسيت ما كانت تصدحُ به ليل نهار، والثورات هدأت، واندمج الثورجيون في بيئة تجار الهيكل.

 

الأربعاء 27 كانون الأول 2023