هل الحرب علينا حقيقة أم وهماً قاتلاً؟
| د. علي حمية | باحث وخبير عسكري
أصبحت الحرب العسكرية الإسرائيلية على لبنان، شبه مستبعدة، رغم التهديدات والمناورات والضغوط الأمريكية… التي بلغت حدّ إرسال كامل الإدارة الأمريكية إلى الشرق الأوسط للبحث في موضوع سلاح المقاومة في لبنان وغزة.
حتى الحرب الأمنية باتت على مشارف الاستبعاد أيضاً، غير أن الضغوط الأمريكية ومحاولات الإخضاع عبر زرع الخوف من خلال الحرب الإعلامية والنفسية والأمنية، تهدف إلى تقويض الحالة اللبنانية من الداخل وتحقيق نصرٍ من دون قتال.
لكننا قادرون على تحقيق انتصار سياسي حقيقي، إذا أحسن المفاوض اللبناني استثمار الظروف الدولية والمحلية، للحصول على مكاسب جوهرية، أقلّها وقف كامل للاعتداءات الإسرائيلية، وترك موضوع سلاح المقاومة لطاولة حوار داخلية تُدار وفق آلية استراتيجية للأمن الوطني.
فالمقاومة وسلاحها هما الورقة الأقوى في أيّ مفاوضات، ولا يمكن استبعاد قوتنا قبل بدء “حرب المفاوضات”.
إنّ سيادتنا وأرضنا مرهونة بقدرتنا على توحيد رباعية الشعب والجيش والمقاومة والمفاوضات.
اليوم، أصبحت سمعة الكيان الصهيوني في الحضيض. فالمثلّث الذي يقوم عليه هذا الكيان من “النبؤات التوراتية” و”معاداة السامية” و”المحرقة النازية” بات عاجزاً عن الدفاع عن جرائمه ومجازره الموثقة ضد فلسطين. يحتاج الكيان إلى سنوات طويلة لإعادة تلميع صورته داخل أروقة اللوبيات التي فقدت نفوذها في الولايات المتحدة، وتحتاج بدورها إلى وقت لاستعادة أنفاسها.
انتصار زوهران ممداني في نيويورك – قلب الصهيونية اليهودية وعماد الاقتصاد الأمريكي – شكّل تحولاً نوعياً؛ إذ أصبح من “العيب” في أمريكا أن تقول إنك تدعم إسرائيل، ومن “القوة” أن تعلن أنك مع الحق وضد جرائمها التي فاقت قدرة الإعلام على إخفائها.
لقد باتت أمريكا تُستنزف خارجياً بسبب الأعمال الإرهابية الإسرائيلية، مانحةً انتصارات مجانية للصين، والأخطر أن هذا الاستنزاف انتقل إلى الداخل الأمريكي نفسه، مع تغيّر أفكار الجيل الجديد الذي لم يعد يؤمن بالخرافات التوراتية. يظهر ذلك في مؤشرات التضخم والركود وتدنّي المستوى السياسي العام.
فهل يمكن للعدو الإسرائيلي أن يتحمّل حرباً جديدة ضد غزة أو لبنان، وقد أصبحت أنظار العالم كلّه شاخصة على جرائمه؟
وكيف يمكن له أن يفتح حرباً موسّعة جديدة، وهو لم يستطع حتى اليوم تضميد جراح الحروب السابقة؟
لقد أصبحت إسرائيل العبء الأكبر، ليس على الإدارة الأمريكية فحسب، بل على الشعب الأمريكي أيضاً.
فهل تكتفي إسرائيل بما ربحت في سوريا؟ أم أنها ستغامر بحرب جديدة تخسر فيها كل ما جنته؟
إسرائيل، رغم كل حلفائها، حقّقت انتصارات تكتيكية محدودة في سوريا ومكتسبات أمنية في لبنان وغزة، لكنها لم ترقَ إلى مستوى الانتصار، وقد خسرت تماماً أمام اليمن.
فهل تراهن مجدداً على الحرب… لتخسر كل شيء؟