غسان ريفي / سفير الشمال
على قاعدة “أسمع قرقعة ولا أرى طحينا”، يأتي الحراك الرئاسي المستجد بكل مندرجاته من إجتماع سفراء الدول الخمس في قصر الصنوبر، الى ما يشاع عن جولة جديدة للمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان على التيارات السياسية في لبنان، وما بينهما من لقاء بين الأخير والمستشار الملكي نزار العلاولة في المملكة العربية السعودية.
تشير المعلومات الى أن ما حرّك المياه الرئاسية الراكدة في هذا التوقيت، هو الحديث عن إمكانية أن تشهد غزة هدنة قد تنعكس هدوءا على جبهة الاسناد الجنوبية، ما قد يساعد على إنتخاب رئيس للجمهورية في غمرة إنشغال أميركا في إستحقاقها الرئاسي على غرار ما حصل في العام ٢٠١٦ عندما انتخب العماد ميشال عون رئيسا قبل نحو أسبوع من إنتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
اللافت، أن ثمة قناعة لدى أكثرية الأطراف أنه اذا لم يتم إنجاز الاستحقاق الرئاسي خلال شهر أيلول، فإنه سيرحّل حتما الى الصيف المقبل، أو ربما قد لا يتمكن هذا المجلس النيابي من إنتخاب رئيس، لذلك جاء حراك الخماسية عله يستطيع إيجاد ثغرة يمكن من خلالها إنجاز الاستحقاق.
في غضون ذلك، لم يرشح عن إجتماع سفراء الخماسية أية نتائج ملموسة يمكن ترجمتها في الملف الرئاسي، سوى تذكير اللبنانيين بمرور نحو سنتين من دون رئيس للجمهورية، ولعل عدم صدور بيان عنهم، وتأخير تحديد موعد لإنعقاد الاجتماع الثاني في دارة السفير السعودي وليد البخاري، يؤكد أن ليس لدى سفراء الخماسية ما يقولونه أو ما يبحثونه في ظل الاستعصاء اللبناني المستمر لجهة تصلب المواقف والتزام بعض الأطراف بأجندات معينة وإنتظار نتائج حرب غزة.
ولعل ما قاله الرئيس نبيه بري أمس، لجهة أن “الخماسية أيدت مبادرتنا بشكل فردي، فلماذا لا تؤيدها بشكل جماعي؟”، قد شكل مضبطة إتهام للخماسية بأنها لا تتوافق على موقف موحد، أو أنها مستمرة في اللعب على التناقضات اللبناتية، أو أن الخلافات ما تزال تتحكم بسفرائها.
أما الحديث عن زيارة لودريان المرتقبة الى لبنان، فتصفها المصادر بأنها روتينية وتقليدية لن تقدم ولن تؤخر، وقد سبق وقام لودريان بسلسة زيارات لم تحرك ساكنا في الملف الرئاسي، حتى أن بعض التيارات السياسية باتت تعتبر أن إستقباله لن يجدي نفعا كونه لا يحمل جديدا، ولا يمتلك سوى الاستماع الى وجهات النظر السياسية المستمرة على حالها، من دون أن يكون لديه أي تأثير عليها.
وترى هذه المصادر أن كل ما يحصل اليوم عبارة عن طبخة بحص، خصوصا أن القرار الدولي لم يُتخذ، والتوافق المحلي لم ينضج، ومحاولات الوصول الى هدنة في غزة تسقط تباعا..
وما يؤكد أن حراك الخماسية غير مجدٍ، هو عدم قيام “تكتل الاعتدال الوطني” بتحريك ساكن بالتزامن مع إجتماعها، خصوصا أن “الاعتدال” ملّ من تكرار المواقف والتصريحات والشعارات، وهو رغم ذلك سيلتقي سفراء الخماسية خلال أيام، للاطلاع على المستجد لديهم، فإما أن يبادر الى التحرك مجددا على خط التيارات السياسية في لمس بعض الجدية، أو أن يبقى على إنكفائه والتفرج على مسرحية رئاسية جديدة.