سوريا تتأهل وتتأهب فزمنها ازف.
ميخائيل عوض / شبكة جبل عامل الإعلامية
تحت ستارة دخانية كثيفة من تسريبات عن تباينات ايرانية سورية روسيه وعن عروض مغرية لسورية لفك علاقتها بالمقاومة ومحورها وتصويرها لاهثا وراء الخليج والتفريط بالجولان. لم تسعى سورية لتبديدها. لانشغالها بأمور اكثر اهمية. فقد انجزت في السنوات الاخيرة سلسلة من الخطوات التأسيسية النوعية في اعادة هيكلة الدولة ومؤسساتها والبيئتين الاجتماعية والاقتصادية وتوازناتها تأهيلا لها لتعبر سريعا وبكفاءة الى حقبة احتواء الازمة والنهوض والعودة النوعية الى دورها كلاعب اول عربي واقليمي قادرة على الاستثمار بالفرص ومتهيئة للعب دورها الذي قررته الجغرافية والأزمنة فمن يخوض حربا عالمية عظمى وينتصر فيها يكتب التاريخ ويقود في المستقبل.
بينما الكل منشغل بالحرب الجارية والكثير يلوم سورية على دورها برغم ان مساهمتها نوعية في الحرب تديرها بصمت وهدوء اعصاب ومعرفة بالجاري واهميته وقد شرحها الرئيس في اطلالته. وسورية برغم خطورة الحرب ودورها المحوري فيها اكملت انشغالها في اعادة ترتيب بنيتها ومجتمعها وهيكلة مؤسساتها تأسيسا لما سيكون لها من دور ومكانة.
فقد انجز الرئيس في السنوات الاخيرة؛
– شطب وتهميش الجماعات الاقتصادية التي امسكت بعنق الاقتصاد وولدت الفساد والافساد وتركزت الثروات بيدها وقيدت قدرات سورية الاقتصادية. وامن استعادة حقوق الدولة بسلاسة ويسر وعبر القضاء والادارة وباقل قدر من الشوشرة والمتاعب واكمل الحملة حتى على الصغار والكومبرس وقد غابوا عن الشاشات والساحة وانهارت إمبراطورياتهم دون مقاومة تذكر ما يؤكد قدرات وتحكم الرئيس ومتابعاته اللصيقة ومعرفته التفصيلية بما هو جار.
– اعاد هيكلة الاجهزة الامنية ووظيفتها وتقيد دورها وتدخلاتها .
– المؤسسة العسكرية تحت النظر والاهتمام الشديد فقد كانت وتبقى حصن حصون سورية وحاميتها ولا مجال للعبث بها او معها ولا بدائل او ردائف. ولا شركاء في السيادة والامن اكانوا اقربون او بعيدين.
– حاول في الحزب وراهن على الانتخابات وتطوير هيكلياته ودوره. وعندما حانت الساعة ضرب ضربته واطاح بالقيادة التاريخية واستبدلها بقيادة وقادة مشهود لهم وقرر بوعي استثنائي اعادة صياغة العلاقة بين الحزب والحكومة وتعريف الدور القيادي والرقابي للحزب وحرره وحرر الدولة من التشابك الذي استفادت منه مجموعات الفساد والهدر.
– سعى جهده لإنتاج مجلس شعب من طابع جديد بأشخاصه وكتله وتمثيله.
– وفاجا الجميع بتسمية وتكليف رئيس حكومة من خارج الصندوق مشهود له بقدراته واخلاقه وكفاءاته ومهنيته وتجربته.
– والمنطقي ان تأتي الحكومة على شاكلة الرئيس المكلف من مهارات ونظافة كف وعلم وخبرة والارجح ان تشكل حكومة من كفاءات ومن وجوه شابة وجديدة وبذلك يكون الرئيس قد امن بيئة مناسبة لإطلاق عهده وترجمة رؤيته ووعده وقد حالت التطورات والظروف واستهداف سورية من تأخير عهده ووضع رؤيته موضع الانفاذ لأربعة وعشرين سنة. فمن ساعة توليه الرئاسة تكالبت الظروف والتطورات والمؤامرات واستهدفت سورية وشغلته واجلت اختبار مشروعه ورؤيته ليبدا عهده بعد ٢٤ سنة من ادارة الازمات وقيادة سورية في بحر مضطرب وعاصف للعبور بها الى شط الامان. وباتت الظروف والمعطيات موفورة ليبدا عهده ويضع رؤيته ومشروعه موضع التطبيق والنهوض بسورية وتمكينها من الريادة.
– خطوتان ضروريتان بإنجازهما تكتمل اركان حركته التصحيحية وتتأهل سورية لاحتواء الازمة والنهوض وتتأهب لتلعب دورا اساسيا في إدارة العرب والاقليم في حقبة اعادة التشكل والنهوض بعد ان اوفت بوعدها وقاتلت لخمسة عقود ولم تلن او تهون او ترفع الراية البيضاء ولا ساومت على قيمها والتزاماتها ومبادئها.
الخطوة الاولى؛ والمؤكد انها لن تغيب عن باله تنجز بإعادة صياغة العلاقة بين المجتمع وتلاوينه والدولة والمؤسسات فبدل ان تتمثل الكتل والاطياف في الحكومة وهي سلطة تنفيذية وتتحول الى ميدان صراع وتناتش بين الوزراء وتعطيل متبادل عطل كل الخطط والتوجهات. بات من الضروري ان تكون الحكومة ولاسيما فريقها الاقتصادي الاجتماعي مهني مختبر ومجرب وان يعمل وزرائها بروحية الفريق وبسعي التكامل والتفاعل لإنجاز الخطط والتوجيهات بروح جماعية مبادرة. اما تمثيل الاطياف والكتل الوطنية والاجتماعية فمكانها مجلس الشعب والمجالس التمثيلية والاستشارية والمطلوب ابتداع وتشكيل العديد منها لتامين تفاعل واحتواء التنوع الكبير والخلاق لسورية ومستقبلها.
الخطوة الثانية؛ وهي بمثابة الثورة الادارية المطلوب انجازها وبالسرعة الكلية. فبعد تحرير الحكومة والدولة من اعباء الدعم السلعي و بيئة الفساد والهدر والافساد بات ملحا تحريرها من اعباء واثقال التضخم الوظيفي المفرط ومن الكتلة الهائلة من البطالة المقنعة.
في سورية ما يقارب ٢ مليون موظف ومتعاقد مع الدولة ومؤسساتها المدنية وهذا العدد كبير جدا وباهض الكلفة على المجتمع والموازنات ويشكل عبئا ريعيا على الموازنات والاقتصاد.
بينما مساحة سورية وعدد سكانها ومستوى الدخل القومي القائم وبنيتها الاقتصادية الاجتماعية تحتاج لدولة رشيقة فاعلة منتجة .
ومن الجدير بحثه ان ٣٠٠ الف موظف شاب نشط متعلم يجيد استخدام التقانة والشبكات ومكننة الدولة ومؤسساتها وخدماتها تكفي وتفيض في واقع التحولات الهيكلية العالمية في مفاهيم وطبائع الادارة واشكالها وفي وظائف الدولة ومهامها فالحاجة والضرورة تحتم تقليص الوظيفة العامة حديا بحيث يتم تحويل الفائض الى التقاعد المبكر والى وزارة الشؤون الاجتماعية لتدفع كامل اصول الرواتب دون الزام بالدوام.
وبهذا الاجراء يحفظ حق المواطنين السورين المتعاملين مع الدولة وبذات الوقت يحرر الدولة والاقتصاد والموازنات من اعباء باهظة ويحرر كتلة هائلة من الابنية ويشطب اكلاف ادارية وتشغيلية .
ان اعادة هيكلة الدولة والمؤسسات ومكننتها وعصرنتها وتعريف دورها ووظيفتها يجعل منها ديناميكية فاعلة قائدة منتجة تلعب دورا ارشاديا وتوجيهيا في الحياة الاقتصادية الانتاجية.
دولة رشيقة منتجة وتحويل الفائض الى المعاش تسهم في تلبية حاجات الدورة الاقتصادية من اليد العاملة وتحرر المدن الكبيرة من ازماتها وتشجع العودة الى الريف والاشتغال بالزراعة وانتاج الثروة الحيوانية وتعظيم الاقتصاد التقليدي والانتاجي وتعيد صياغة الكتلة الاساسية من المجتمع والقوة العاملة وتجعلها قوة انتاجية بدل ان تكون استهلاكية وريعية وعبء على المجتمع. وقد انتفت مكاسب الوظيفة العامة مع انهيار الرواتب وعجز الدولة عن رفع الاجور وتراجعت حديا الصفة الاجتماعية والمكانة للوظيفة العامة.
هما خطوتان متممتان لما بداه وانجزه بهدوء وسلاسة الرئيس الاسد بفطنه وبرؤية استراتيجية وتوفرت البيئات والشروط لإقلاع برنامج النهوض ومعالجة اثار الحرب وتمتين الوحدة الوطنية والاجتماعية وتلبية حاجات السورين ولاسيما شبكات الامان الاجتماعي التي فقدوها وفي اولها الكهرباء والانترنت والمواصلات وفرص العمل وتصحيح الاجور لتتناسب مع الارباح والاسعار.
ان حكومة منسجمة جلها من الشباب اصحاب الكفاءة والخبرة تعمل كماكينة منسجمة ومتكاملة ومتفاعلة فرصة سورية لاحتواء ازمتها والتمكن من فرصتها لتعود لاعبا محوريا واساس في اعادة هيكلة العرب والاقليم جغرافية ونظم وانتزاع المكانة والدور.