فصح مجيد لكُلِّ اللبنانيِّين

 

 

بقلم علي خيرالله شريف

 

ما أجمل اللوحة عندما تزدان بأجمل الأولون الدينية والطائفية والمذهبية. تصوروا معي هكذا لوحة فيها ثمانية عشر طائفة أو مذهب، تتشارك كلها بأعيادها العديدة الزاخِرة بالصلوات والأدعية، وأنواع الحلوى والزينة، والثياب الجديدة والعطور الفواحة، وبِتَبادُلِ التهاني والقبلات الأخوية الـمُنَزَّهَة عن أي شُبهة داخلِيَّة أو خارجية.

ما أجمل البسمة مرتسمة على الوجوه المشرقة والنضرة، والأجواء تعبق بالمحبة على وصايا عيسى بن مريم عليه السلام رمز المحبة والسلام، وتنثر رحمةً على سُنَّةِ محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، ورمزاً للتآخي والتراحم وحُسنِ الجوار.

يمكن لنا أن نسمي هذا المشهد كما نشاء؛ كوكبة أديانٍ سماوية تحت سقف الوطن، أو عناقاً وطنيّاً تحت قبة السماء. كل الفرقاء يُنشِدون رضا الرحمن ونشر المحبة. منهم من يتلو القداديس ويقرع الأجراس، ومنهم من يرفع أذان الصلاة وتلاوة القرآن، والكُلُّ يرفعُ الأكُفَّ قانِتاً بالدعاء والتوسُّلِ والرجاء. الكل يؤمن بالله وبالأنبياء وباليوم الآخر، لا يُكَذِّبون بأحدٍ من رُسُلِه. وكُلُّ فريقٍ يدعو للفريق الآخر بالصحة والسعادة والتوفيق. من عيد الفطر إلى عيد الفصح، بعد الصيام. ومن الجمعة العظيمة إلى عيد الأضحى بعد التضحية، والكُلُّ يقصدُ سبيلَ الله من أجل المحبة والسلام والرحمة للعالمين، على قاعدة الدين لله ولا إكراه في الدين.

ما أبلغ تلك المعاني، وما أنبل تلك القيم وما أروع الالتزام بها على حقيقتها، بلا تكفيرٍ ولا توهينٍ ولا استخفاف. هكذا نعشق لبنان، يتآخى فيه القداس والأذان، ويتجاور المسجد والكنيسة، ويسير الرعية من كل الأطراف تحت رعاية الله، وبعيداً عن أي رعاية مشبوهة أو مأجورة أو مدفوعة بغرائز الكره والانتقام.

فكل عام وأنتم بخير يا أبناء عيسى بن مريم. ندعو الله أن نكون وإياكم في الفصح القادم مَجموعِين مُتَّحِدين مُتَحابِّين مُتَراحِمين تحت سقف الوطن، نفديه بِالـمُهَج ونحميه برمش العين، ولا ننصت إلا لبعضنا لأننا يجب أن نبقى مع بعضنا مواطنين أبديين متساوين إلى يوم الدين.

فِصحٌ مَجيد لِلمَسيحيين والمسلمين وكل اللبنانيين، وعيد شهداء زاخر بتوَحُّدِ اللبنانيين حول معنى واحد للشهادة والشهيد.. وكل عام وأنتم ولبنان بألف خير.